المهرتلون الجدد -ة سادة العواطف في متاهات العقول

المهرتلون الجدد
سادة العواطف في متاهات العقول
==========

المهرتلون الجدد: سادة العواطف في متاهات العقول

إن "المهرتلين الجدد" ليسوا مجرد أصحاب آراء مختلفة، بل هم فئة تتميز بإخضاعها للأمور العقلية المعقدة لسلطة العواطف الهوجاء. ينقسمون إلى صنفين رئيسيين: الأول، وهم العارفون المتلاعبون الذين يدركون تمامًا زيف "هرتلتهم" ويسلكون هذا الطريق طمعًا في المكاسب المادية والمعنوية. والثاني، وهم الأتباع السذج الذين يندفعون بحماس خلف شعارات براقة وأفكار سطحية تُلقى إليهم من قِبل هؤلاء المتلاعبين، دون أدنى إدراك لحقيقتها.

يتميز هؤلاء "المهرتلون الجدد" بقدرتهم العجيبة على الانجرار الأعمى خلف أي موجة فكرية سائدة أو شخصية مؤثرة، مفتقرين إلى التفكير النقدي المستقل. إنهم يروجون لمزيج من "المخدرات اللغوية والفكرية" - مصطلحات رنانة وشعارات جذابة تفتقر إلى العمق الحقيقي - والتي تبدو للواهمين كنظريات جديدة ثورية، بينما هي في حقيقتها مجرد بضاعة قديمة مُعاد تدويرها في تغليف براق. يجوبون ساحات النقاش العام، يقدمون أفكارًا بالية في عبوات لفظية زاهية، ويخدعون أتباعهم الذين يرون في هذا التزييف "عين الفتح" والإدراك المستنير.

بسبب تأثير هؤلاء "المهرتلين الجدد"، نشهد تشويهًا للمصطلحات الراسخة التي استقرت معانيها عبر قرون من الاستخدام الدقيق، ويكاد يُحرق كل قاموس يحمل تعريفًا محترمًا لهذه المفاهيم. إنهم يتبنون ضمنيًا نظرية مفادها أن جهل الأغبياء لا ينكشف إلا بعد أن يُستنزف صبر العقلاء وتهزمهم كثرة الحماقات المنطقية.

يُظهر "المهرتلون الجدد" ميلًا للعنتريات اللغوية والأوصاف الطنانة والأقنعة الزاهية التي تخطف أبصار المريدين السطحيين، دون تقديم أي محتوى فكري حقيقي أو حلول عملية. يتميزون بتبني رؤية واحدة قاصرة، غالبًا ما تكون مستقاة من شخص أو جهة تملي عليهم الأفكار الأولية، بينما يرون أن باقي العالم يكن لهم العداوة ويتآمر عليهم لرفض "بصيرتهم" الفريدة.

إنهم يطالبون الجميع بالعيش في "المدينة الفاضلة" المثالية، بينما تعاني أفكارهم من التناقض والتفكك الداخلي، ويسكنون في "العراء الذهني المتخيل" بعيدًا عن الواقع والتفكير المنطقي. إنهم مقلدون سطحيون يفتقرون إلى الإبداع الذهني الأصيل، بل وقد يبدون عداءً تجاهه، مفضلين تكرار الأوصاف اللفظية الجوفاء التي لا تسفر عن أي نتائج ملموسة. وهناك صنف منهم هو الأسوأ على الإطلاق، وهم الذين يلتزمون الصمت المطبق إزاء التفاهات والأباطيل التي تُلقى عليهم، وكأنهم يقرونها ضمنيًا.

في المقابل، يبرز "المبدعون الجدد" كقوة دافعة نحو نهضة حقيقية، وهم أبناء الشعب الأصيل والنخبة الصاعدة من الطبقة الوسطى الحقيقية. هؤلاء هم الذين يتحملون عبء استنهاض الوعي في مختلف المجالات، ساعين بجد لتقديم أفكار مبتكرة وحلول عملية. إنهم يمثلون الأمل في مواجهة "هرتلة المهرتلين الجدد"، وربما يكون كل واحد منا مدعوًا للانضمام إلى هذا التيار البناء: هم. نحن جميعا.

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

مولانا تصميم ahmad fathi © 2014

يتم التشغيل بواسطة Blogger.