"لوسي": استكشاف فلسفي متخبط في قالب أكشن فاشل



  • "لوسي": استكشاف فلسفي متخبط في قالب أكشن فاشل
  • ======

    "الحداثة هي مجموع فلسفات وسياقات متعددة، ظهرت على إثر خروج أوروبا من عصور الظلام وتحررها من تحكم الكنيسة في العصور الوسطى وصكوك الغفران، وصولًا إلى الإلحاد الكامل، كما أعلن فيلسوف العدم نيتشه (موت الإله) - استغفر الله العظيم.

    شاهدت فيلم "لوسي" بطولة سكارليت جوهانسون، مورغان فريمان، عمرو واكد، وتشوي مين سيك، من تأليف وإخراج لوك بيسون، والموسيقى لإريك سيرا.

    في البداية، لابد من توضيح عدة نقاط فلسفية ارتكز عليها الفيلم، أبرزها نظرية النشوء والتطور لتشارلز داروين، والتي ذُكرت ببساطة في المقدمة: «كلما وُلد عدد أكبر من الكائنات الحية، كانت احتمالية نجاتها أكبر. ومع ذلك، يبقى هناك صراع للبقاء على قيد الحياة بين الكائنات، ويشمل ذلك كل الموجودات. وإن كان هذا الاختلاف مفيدًا ولو بشكل قليل لأي نوع من الأنواع، ففي ظل هذا التعقيد والاختلاف في ظروف المعيشة، ستكون هناك فرصة أفضل للعيش فقط لأولئك الذين تنتقيهم الطبيعة. وانطلاقًا من المبدأ القوي للوراثة، فإن أي تنوع مختار سيميل إلى التطور والارتقاء في شكل جديد.»

    تتبلور فكرة الفيلم حول افتراض أن الإنسان، بعد كل التطور الحضاري، يستخدم 15% فقط من دماغه. ويتساءل الفيلم: ماذا لو استخدم 20% أو أكثر؟ هذه الفكرة فلسفية أكثر منها فيزيولوجية، كما يطرحها الفيلم، لأن الوصول إلى هذا المعدل أو تجاوزه قد يؤدي إلى نتائج خطيرة، حيث يتمكن الشخص الذي يزداد معدل استخدام دماغه من التحكم في الأشياء والأشخاص.

    هذا الافتراض هو النواة التي بنى عليها المؤلف والمخرج شريطهما السينمائي، والذي عُرض علينا من خلال سيناريو مهلهل وبناء درامي ضعيف، وفي قالب أكشن مفتعل.

    مع أن الفكرة تستحق النقاش، إلا أن طرحها في إطار بوليسي فاشل لا يخدمها. فقد جعل المؤلف البطلة تصل إلى نسبة استخدام العقل 100%، مما منحها القدرة على التحكم في الأشخاص والأشياء، وزيارة بلدان، وإيقاف حركة البشر وتسريعها بإشارة من يدها.

    وينتهي الفيلم باختفاء البطلة، ويتساءل ضابط الشرطة في باريس، مسرح الأحداث، عن مكانها، ليأتي صوت لوسي قائلاً: «أنا في كل مكان.»

    من الضروري في البداية توضيح مفهوم الحداثة. الحداثة هي مجموعة فلسفات وسياقات متعددة، نشأت على إثر خروج أوروبا من عصور الظلام وتحررها من تحكم الكنيسة في العصور الوسطى وصكوك الغفران، وصولًا إلى الإلحاد الكامل، كما أعلن فيلسوف العدم نيتشه (موت الإله) - استغفر الله العظيم.

    وقد عرفها د. عبد الوهاب المسيري بأنها فهم الواقع المعاش عن طريق التكنولوجيا والعقل.

    ومن تجليات الحداثة: لا قداسة لنص - أيًا كان هذا النص - وكل نص قابل للنقد والنقض.

    الفيلم ضعيف جدًا من الناحية السينمائية؛ فهو لا ينجح كعمل فلسفي يقدم رؤية متماسكة، ولا يتقن عناصر العمل الفني، حيث يبدو أن الكاتب والمخرج قد أضاعا جهدهما في محاولة التفلسف، بدلاً من استكشاف الفلسفة بعمق.

    ويتبنى الفيلم فكرة أن تحفيز نشاط عقل الإنسان قد يحوله إلى كائن شبيه بالإله، قادر على التحكم في الكائنات الأدنى منه في النشاط العقلي، وهو ما يستند إليه في طرح نظرية النشوء والتطور.

    مثالب السيناريو:

    • من هو الصديق الذي سلم لوسي الحقيبة؟ ومن يعمل لحسابه؟ ومن أين أتى بالمواد المحفزة؟ - كلها أسئلة لا يجيب عنها السيناريو.
    • الرجل الكوري القوي، الذي يفترض أنه ينتظر الحقيبة، لا يعلم محتواها، ويظن أنها قنبلة. ورغم ذلك، يجعل لوسي تفتح الحقيبة وهو يحتمي، ثم يجرب العقار على أحد أتباعه بعد فتحها.
    • الضابط الذي يقبض على حاملي العقار - ويؤدي دوره عمرو واكد - يتكلم الإنجليزية في باريس، ويبقى السبب غير واضح.
    • البروفيسور، العالم الذي صرح في محاضرته بأن تحفيز نشاط المخ مجرد فرضيات يعمل عليها منذ 20 عامًا، يصدق لوسي بسهولة بالغة.
    • تظهر لوسي قدرات خارقة عندما يحاولون القبض عليها في منتصف الفيلم، حيث تجعل أفراد العصابة يطيرون في الهواء وتلتصق الأسلحة بالسقف. ولكن في مشهد النهاية، وبعد أن أصبحت أقوى بكثير، تترك العصابة تتقاتل مع الشرطة - وهو مشهد يبدو أنه أُقحم لضرورات الأكشن.
    • فيلم أعتبره فاشلًا، وتنفيذًا أفشل من قبل جميع العاملين عليه.

    ملحوظة: أظن أن اختيار عمرو واكد في الفيلم يعود إلى كونه مسلمًا وراضيًا عن الأفكار "الواهية" التي طرحها الفيلم، من وجهة نظر صناعه."



    التعليقات
    0 التعليقات

    ليست هناك تعليقات :

    إرسال تعليق

    مولانا تصميم ahmad fathi © 2014

    يتم التشغيل بواسطة Blogger.