🎭 قواعد اللعبة... وسقوط القيم في زمن التلاعب بالعقول
✍️ بقلم: محسن عباس
🎯 المقدمة:
قواعد اللعبة... تلك هي المشكلة الحقيقية.
فالعالم من حولنا لا يُدار بالعواطف، بل بالقوانين التي اتفق عليها اللاعبون — قوانين قد تكون عارية من القيم، لكنها تظل حاكمة.
🧠 التلاعب بالعقول والمعرفة الزائفة:
هناك فيلم عبقري اسمه غريزة أساسية،
تقوم فكرته على فن التلاعب بالعقول، وكيف يمكن للمعلومة أن تصبح أداة للهيمنة لا وسيلة للفهم.
المشكلة ليست في كمّ المعلومات التي نعرفها،
بل في عجزنا عن تحويلها إلى تفكيرٍ عميقٍ ناقد،
يجعلنا نرى المعلومة في ذاتها، وجوارها، وموضعها من الصورة الكاملة للعالم.
لكننا بكل أسف نتعامل مع المعرفة كما يتعامل الأطفال مع الألعاب:
نندهش، نتباهى، ثم نلقيها جانبًا.
فتخرج علينا "العنتريات الفكرية" والعبارات الضخمة الجوفاء —
كلمات تلمع لكنها فارغة، خارجة عن السياق،
تتحول إلى فقاعات هواء لا أثر لها.
🕵️♂️ من يحق له التعامل مع المعلومة؟
السؤال الأعمق هنا:
من هو المنوط بالعمل على المعلومات المتاحة للجميع؟
الإجابة:
هو الإنسان المتجرّد —
الذي لا يملك هوى، ولا يطلب مصلحة، ولا يسعى إلى شهرةٍ أو تصفيق.
هو من يقرأ قراءة موسوعية في شتى المجالات،
ليضع المعلومة في سياقات متعددة وزوايا متقابلة،
ثم يصهرها في فكر متكامل يُفضي إلى رأيٍ راسخٍ
يُعبّر عنه بلغةٍ عميقةٍ ومبسّطةٍ في آن،
حتى ينهل الجميع من نهرٍ صافٍ لا كدر فيه.
ولكن...
هل هذا المتجرد موجود؟
الجواب الصادق: لا... لا... لا... إلا من رحم ربّي.
⚖️ قواعد اللعبة أم القيم؟
من أهم سمات "قواعد اللعبة" أنها ليست أخلاقية، بل "اتفاقية".
ما اتفق عليه اللاعبون يصبح قانونًا،
وما خرج عن هذا الاتفاق يُعد خروجًا عن الملعب نفسه.
ومن هنا تتساقط الأحلام والأمنيات والأوهام،
لأنها ببساطة لا تدخل ضمن قواعد اللعبة.
لهذا لا يصح الحكم على اللعبة من منظورٍ أخلاقي،
لأننا لا نحاكم الضمير، بل القانون.
ومن أراد أن يلعب، فعليه أن يعرف قواعد اللعبة وحدود الملعب الذي تُمارس عليه،
ثم يبدأ التدريب وفق تلك القواعد.
أما من لا يريد أن يفعل، فليصمت تمامًا.
فهذا ليس زمن "Free Play" —
ذلك اللعب الطفولي الذي بلا قواعد —
لأن اللعبة هنا لعبة رجال،
لا مكان فيها للبراءة ولا للأمنيات.
وطالما أنك قادر على كسر خصمك دون أن يراك الحكم، فأنت رائع.
أما إذا امتنعت لأنك صاحب أخلاق،
فأبشرك: لقد خسرت... وببساطة أنت حمار.
⚽ مثال تطبيقي من الواقع:
تأمل موقعة محمد صلاح وسيرجيو راموس في نهائي دوري الأبطال الأوروبي.
أصحاب الأحلام والمشاعر والأخلاق أقاموا الحسينيات لأيامٍ وليالٍ ضد راموس،
لكن الرجل لم يُعاقَب، بل تُوّج بعدها كأفضل مدافع في البطولة!
إنها ليست صدفة، بل تجسيد حيّ لقواعد اللعبة:
لا عزاء للحالمين، ولا مكان للكسالى.
🪞 قارئ النص هو أيضًا لاعب:
أن تقرأ كلماتي بروح الفنان، وعمق المفكر، وخيال المبدع،
أن تترك تصوراتك الذهنية المسبقة المستقاة من قراءات أحادية أو ناقصة،
وألا تتدخل في نياتي، ولا تفسّر ما أكتب بما لم أقله،
فأنا أبسط من كل تلك الترهات.
كل ما أريده هو أن أكتب ما أظنّه حقًا،
ما يدعم الجمال ويدعو للعدل،
ويحمل القيم الإنسانية الحقيقية،
دون انتظارٍ حتى لكلمة شكرٍ من أحد.
🌿 رسالة الكاتب:
أنا أتبع حديث سيد البشر، خاتم المرسلين ﷺ:
"خيركم من تعلم القرآن وعلمه."
قال العلماء:
خيركم وأفضلكم — يا معشر القرّاء والمتعلمين والمعلمين —
من تعلم القرآن حق تعلمه، وعلّمه حق تعليمه.
ولا يتمكن من هذا إلا من أحاط بالعلوم الشرعية أصولًا وفروعًا،
فصار كاملًا في نفسه، مكمّلًا لغيره،
وهو أفضل المؤمنين مطلقًا.
وقد ورد عن عيسى عليه السلام قوله:
"من علم وعمل وعلّم، يُدعى في الملكوت عظيمًا."
💡 نور الآيات:
"قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ"
(سورة سبأ - آية 47)
"إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِيَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ"
(سورة هود - آية 88)
⚔️ الخاتمة:
تلك هي رسالتي، وذلك هو مقصدي.
لكن من اليوم... تَبًّا للتواضع، وسُحقًا لعدم التقدير.
فمن اعتاد الصمت أدبًا،
لن يسكت بعد اليوم عن الجهل والادعاء.


0 التعليقات