Black Swan البجعة السوداء- أنت لست مجرد متفرج: فيلم يغوص في أعماقك ويكشف ذاتك الضائعة

Black Swan

البجعة السوداء
أنت لست مجرد متفرج: فيلم يغوص في أعماقك ويكشف ذاتك الضائعة

==============

رحلة في أعماق الذات والروح: تأملات بعد مشاهدة فيلم استثنائي

مقدمة:

لقد كانت تجربة مشاهدة هذا الفيلم بمثابة جرعة إبداع بصري وسمعي وفكري غير عادية، استطاعت أن تفصلني تمامًا عن الواقع وتحملني في رحلة تحليق في سماء الإبداع الخالص. إنها متعة سينمائية من نوع خاص، فيلم أراه موجهًا للخاصة، لمن يبحث بداخله عن ذاته الضائعة في متاهة العقل الشارد ليجدها.

تجربة المشاهدة:

لقد وجدت نفسي أرى ذاتي بوضوح في هذا العمل الفني، إن كنت ممن يحمل عقلًا مفكرًا وروحًا هائمة في ملكوت الجمال وقلبًا ينبض بالحب الخالص للحب ذاته، وليس مجرد تعلق بالأشخاص. إنه فيلم يحدثك عن الحرية الداخلية الخاصة بك، تلك الحرية الحقيقية التي تنبع من أعماقك، وليست الحرية المصطنعة أو المفروضة من الآخرين.

مفهوم الحرية الداخلية:

الفيلم يدعونا إلى استكشاف ذواتنا الحقيقية، أن نعرف من نكون وما هي طموحاتنا وآمالنا، وحتى الآلام التي تعتري عقولنا في سبيل تحقيق تلك الآمال والطموحات. إنه تعبير عن قيمة الفريق المتفاني الذي يعمل بتناغم لصالح العمل ككل، حيث يصبح الجميع أبطالًا ليخرج في النهاية عمل بطل.

مواجهة الذات الشريرة:

أرى هذا العمل بمثابة مرآة تعكس ذواتنا الشريرة، تلك التي تحاول قتلنا بالخنوع الغبي الذي يتخذ مسميات شتى، ليجعلنا نعيش داخل ذوات حجرية معتمة، لا نرى من خلالها نور قلوبنا المشبعة بالحياة. إنه عمل يحدثنا دون أن نشعر عن حقيقة أننا بشر نمتلك عقلًا وروحًا وقلبًا، وقبل كل ذلك، حياة، فلا ينبغي أن نجعلها قبيحة من أجل إرضاء الآخرين.

الانتصار على الذات:

الفيلم يحفزنا على محاولة الانتصار على كل الغباء المصطنع الذي ينبع من داخلنا، وذلك بالاشتراك مع الآخرين، لقتل تلك الذات المحاصرة داخل غيتو فكري ونفسي ومكاني ولغوي. إنه فيلم أنت بطله الحقيقي، وليست مجرد الشخصيات المتحركة على الشاشة الفضية.

تمزيق الأوهام:

إنه فيلم عن الإنسان الحقيقي المختفي تحت ستائر سميكة من التقاليد والأعراف البالية، فيلم يمزق كافة الستائر الملونة بألوان تبدو للغافل والمتكاسل زاهية، ولكنها في الحقيقة ألوان كئيبة وممسوخة.

رسالة الفيلم:

يقول الفيلم ببساطة: أنت الحياة التي تصنعها بذاتك، وليست الحياة المفروضة من أي شخص، حتى لو كان أقرب الأقرباء. عندما ترى ذاتك الحقيقية، فإنك ترى العالم الحقيقي. اترك كل الناس واحصل على نفسك، لأنك وقتها ستمتلك العالم.

الرؤية الفنية:

كل ذلك تم تقديمه من خلال قصة بحيرة البجع (الباليه المعروف) برؤية مخرج يعرف قيمة الصورة التي تعمق الفكرة دون حوارات كثيرة. لقد عمد السيناريست إلى التعبير غير المباشر بدلًا من الحوارات التقليدية، ليمنح المتلقي النابه متعة أكبر، فلا يكون العمل مجرد حكاية قبل النوم، بل صورة تحمل أفكارًا عميقة وليست مجرد ومضات ضوئية متحركة.

الانغماس في عالم الفيلم:

لقد وجدت نفسي داخل إطار الشاشة دون عناء من المخرج المبهر، حيث تتالى القصة بسلاسة غير عادية لتعبر عن الفكرة الرئيسية: الحرية الذاتية الداخلية وكيف تنتصر أولًا على نفسك حتى تستطيع الانتصار على الآخرين. يتمرد البطل أولًا على نفسه، ثم يتمرد على السجن المصنوع من أمه، حتى لو كانت قضبان هذا السجن مصنوعة من شرائط حريرية.

أداء عبقري:

يجب الإشارة إلى الأداء العبقري للرهيبة ناتالي بورتمان، حيث التماهي الكامل مع الشخصية والذوبان بداخلها من خلال كافة أدوات الممثل من أداء حركي وصوتي وانفعالي. لقد كانت النموذج الحي لمعنى كلمة تمثيل حقيقي، تمثيل من الداخل وليس مجرد تأدية سطحية للشخصية. لقد شاهدنا "نينا" وليس ناتالي بورتمان.

إبهار بصري:

على المستوى البصري، كان الفيلم مبهرًا جدًا، لأن صناعه يعلمون أنه عمل صعب جدًا سواء على مستوى الفكرة أو التنفيذ. لقد كان التنفيذ سهلًا ولكنه السهل الممتنع، حيث التفاني في إظهار الفكرة من خلال التكوين البصري للكادرات الرائعة، سواء من ممثلين أو ديكور أو إضاءة أو موسيقى أو تصوير. الكل كان مبهرًا.

توصية:

فيلم لابد من أن تراه كل فترة حتى تنال متعة غير عادية من الإبداع الإنساني الموجه للإنسان، وليس إبداعًا متعاليًا عليه بسبب امتلاك هؤلاء المبدعين مواهب غير عادية.

الجوائز:

  • الفيلم حصل على أوسكار أفضل ممثلة.
  • الفيلم حصل على أوسكار أفضل مخرج.

صناع الجمال:

======= الإخراج: دارين أرونوفسكي

سيناريو: مارك هايمان، جون جيه. ماكلوغلين

البطولة: ناتالي بورتمان، فنسنت كاسل، ميلا كونيس، وينونا رايدر

موسيقى: كلينت مانسيل


التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

مولانا تصميم ahmad fathi © 2014

يتم التشغيل بواسطة Blogger.