زمن السفلة: تحليل في دوافع التضليل وتأثيره
من نوائب الزمن أن يتصدر المشهد أفراد يتوهمون حماية القيم النبيلة كالحرية والمساواة والعدالة، بينما سلوكهم يكشف زيف ادعاءاتهم. ويا للعجب، أن ترى أدعياء زعامة الحرية، الذين يتخذون من التطاول على الدين الإسلامي ومقام رب العزة سبحانه وتعالى ونبيه صلى الله عليه وسلم ميدانًا لهم، يتحولون إلى خصوم شرسين عند أي محاولة للحوار أو النقد البناء، وكأن الناقد قد ارتكب إثمًا عظيمًا. كيف السبيل إلى محاورة هؤلاء الذين يرفضون المنطق ويتهمون كل مخالف بأبشع التهم؟ إنه حقًا زمن السفلة، حيث يسود النفاق ويُستغل المقدس لتحقيق مآرب دنيئة.
إن هؤلاء الذين يطلقون على أنفسهم ألقابًا زائفة يدركون في أعماقهم ضآلتهم الروحية والفكرية، ويعلمون أنهم بمفردهم لا يمثلون قيمة حقيقية. لذلك، يسعون دائمًا للتكتل وتشكيل جماعات تمنحهم قوة وهمية يعوضون بها فراغهم الداخلي. هذا الفراغ هو الدافع الخفي وراء سعيهم للسلطة الزائفة والشهرة الرخيصة وإثارة الفتن. زمن السفلة.
ولإضفاء مصداقية على قضاياهم الهشة أمام البسطاء، يلجأ هؤلاء إلى قاموس من المصطلحات الرنانة المستوردة، التي يجهلون معناها الحقيقي عند أول اختبار جاد لفهمهم. إنهم يسعون لخلق فوضى في المفاهيم والقيم ليصبحوا سادة على الدهماء والرعاع، مستغلين جهلهم وعواطفهم. إن سلاحهم الأقوى ليس قوتهم الذاتية، بل براعتهم في التضليل، حيث يتلاعبون بالعواطف ويثيرون المخاوف أو يقدمون الوعود الكاذبة، وينشرون الشائعات لتقويض الثقة في الصادقين. زمن السفلة.
لا يهدف هؤلاء "الزعماء" المتوهمون إلا إلى إشباع نهمهم للسلطة والنفوذ، بينما هم في الحقيقة أسرى لشهواتهم الدنيئة وأدوات طيعة في يد قوى خفية. إنهم معاول هدم لكل القيم والمثل العليا، ودعاة لكل ما هو قبيح ورذيل، يسعون لإطلاق العنان للجانب الحيواني في الإنسان ليصبح عبدًا لشهواته وبالتالي تابعًا لهم. إن خطرهم لا يقتصر على سلوكياتهم المنحرفة، بل يمتد ليطال نسيج المجتمع، فهم يسعون لتقويض قيمه الأصيلة وتشويه صورة الدين السمحة. زمن السفلة.
هم ليسوا سوى أعداء للحياة الحقيقية وقيمها السامية، بل هم أعوان لكل فاسد ومفسد، ينطلقون من كراهية دفينة للإنسان السوي وتوق للحرية الحقيقية للجميع، فهم في جوهرهم عنصريون وفاشيون. أليس من الغريب أن يدعي هؤلاء حرية التعبير وهم أول من يسكت كل صوت مخالف؟ أليس من المثير للدهشة أن يتحدثوا عن العدالة وهم أبعد ما يكونون عنها في سلوكهم وتعاملاتهم؟ زمن السفلة.
يستتر هؤلاء وراء أساليب ملتوية، يكرهون الثقافة الحقيقية التي تفضح زيف ادعاءاتهم، وينصبون العداء للقيم الرفيعة التي نادى بها الدين الإسلامي، لذا تراهم يخوضون فيه بجهل وتعمد، ويستغلون النصوص الدينية خارج سياقها لتبرير أفعالهم. إنهم يميلون لكل ضال ومضل، خاصة المتخفي الذي يصعب كشف حقيقته. زمن السفلة.
ولأنهم يعشقون التمييز والفرقة، تراهم يتشبثون بالشاذ من الأمور والألفاظ والموضوعات، ويتسترون خلف شعارات براقة كحقوق الإنسان أو الحيوان، بينما هم في الحقيقة لا يعبأون لا بالإنسان ولا بالحيوان، بل يسعون لإرضاء أسيادهم من خلال تدمير الإنسان من الداخل وإشعال الفتن. إن أفعالهم أشبه بالسم البطيء الذي يسري في جسد المجتمع، يتلف قيمه ويضعف مناعته. زمن السفلة.
إنهم يعشقون اللافتات البراقة ذات العناوين الجذابة، لكنهم ينتفضون غضبًا عند سماع كلمة إسلامية أو أي قيمة إنسانية عالمية، لأنهم لا يريدون إلا كل شيء لأنفسهم وأسيادهم. يدركون زيفهم العميق، لذا يعشقون التخفي وراء أقنعة زائفة، محاولين تخدير عقول العامة ليتمتعوا هم بالحياة وملذاتها المحرمة. زمن السفلة.
لا يتحركون في فراغ، بل يلتف حولهم مريدون من أصحاب الغفلة والجمود الفكري، وكأنهم جناحي دمار حلا على البشرية. في مواجهة هذا "الزمن" المليء بالزيف، يصبح الوعي النقدي سلاحًا ضروريًا. يجب علينا تعزيز القدرة على التفكير المستقل وتحليل المعلومات بعقل مفتوح. زمن السفلة.
إنهم ينتحلون صفات زائفة، ويستقطبون أصحاب النفوس المريضة ليصبحوا حشودًا يظهرون بها كأنهم كثر. يبقى الأمل معقودًا على صحوة العقول وإدراك خطورة هذا الوضع، وعلى تضافر جهود المخلصين لبناء جيل جديد يتمسك بالقيم الأصيلة ويدافع عنها بوعي وبصيرة، ليُزاح هذا الغبار الكثيف عن سماء مجتمعاتنا وتشرق شمس الحقيقة والعدل من جديد. زمن السفلة.