أزمة الفن والمجتمع: دعوة للتأمل وتصحيح المسار.
الفن بين الأصالة والانحدار
الفن، بطبيعته، يسعى للارتقاء بالإنسان. هذا هو المعيار الذي يجب أن نحتكم إليه عند تقييم ما يُعرض على الساحة الفنية اليوم.
هل ما يُعرض الآن فن؟ الكثير من المحتوى الحالي لا يرتقي لمستوى الارتقاء بالإنسان، بل يميل نحو الترفيه السطحي أو التجاري البحت، وقد يساهم في انحدار الذوق العام والأخلاق. رغم ذلك، توجد دائمًا أعمال فنية أصيلة وهادفة، لكنها قد لا تحظى بالانتشار الكافي.
أسباب هذا الانحدار متعددة:
- الجانب التجاري: أصبح الفن صناعة تبحث عن الربح السريع، مما يدفع المنتجين لتقديم محتوى يرضي أكبر شريحة على حساب القيمة.
- تغير الأذواق والتكنولوجيا: وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية ساهمت في انتشار المحتوى السريع والمستهلك، وتهميش الأعمال الفنية العميقة.
- غياب النقد البناء: ضعف النقد الفني الجاد أتاح انتشار المحتوى المنخفض الجودة.
- التأثيرات الثقافية الخارجية: استيراد أشكال فنية لا تتناسب مع قيمنا دون وعي نقدي يساهم في تآكل الأصالة.
متى بدأ الانحدار الأخلاقي للفن؟ هذا التدهور ليس حدثًا مفاجئًا، بل عملية تدريجية بدأت مع تحول الفن إلى صناعة جماهيرية وتراجع دور القيم الأخلاقية في تحديد محتواه. قد يرى البعض أن موجات العولمة والانفتاح ساهمت في تشويه الوجدان وتحويل الإنسان لـ"كائن مسخ مجرد من أي مشاعر حقيقية" إذا استسلم لهذا المحتوى.
كيف يصحح الجمهور هذا المسار؟ للجمهور دور حيوي من خلال المسؤولية الجماعية:
- الوعي والتمييز: فهم الفرق بين الفن الهادف والترفيه الضار.
- المقاطعة ودعم الجيد: عدم دعم الأعمال الهابطة ودعم الأعمال الفنية الأصيلة ذات القيمة.
- المطالبة بالتغيير: التعبير عن رفض المحتوى الرديء.
- التربية الفنية: تربية الأجيال الجديدة على تذوق الفن الأصيل من خلال التعليم والمؤسسات الثقافية.
دور السياسة والرقابة
- هل للسياسة دور في الانحدار؟ نعم، دور الدولة مؤثر:
- غياب الدعم: عدم دعم الفن الجاد يفتح المجال للإنتاج التجاري.
- التوجيه الخاطئ: تدخل السياسة لتوجيه الفن قد يحد من حريته وإبداعه.
- البيئة الثقافية: السياسة العامة للدولة تؤثر على البيئة الثقافية التي ينشأ فيها الفن.
- هل للرقابة دور في الانحدار؟ الرقابة سلاح ذو حدين:
- الرقابة المفرطة: تخنق الإبداع وتدفع الفنانين لتقديم أعمال سطحية خوفًا من المنع.
- الرقابة الغائبة: تؤدي لانتشار محتوى لا يراعي القيم المجتمعية.
- الرقابة المتوازنة: يمكن أن توجه الفن بشكل إيجابي إذا راعت حرية الإبداع والقيم دون قمع، لكن تحقيق هذا التوازن يمثل تحديًا كبيرًا.
قضايا متفرقة
- "ليس مهم كيف يراك الآخرون المهم كيف ترى نفسك": حكمة فردية تدعو للثقة بالنفس، لكنها في سياق مجتمعي تتطلب توازنًا مع المسؤولية الجماعية.
- قصة الزواج والطلاق: تبرز خطورة المظاهر الخادعة وأهمية الجوهر على حساب السطحية، وتعكس جانبًا من "الانحدار الأخلاقي" حيث يطغى المظهر على القيمة.
- "العشوائية المقصودة هي الفكر المنظم ولكن بنية سيئة": توضح كيف أن التخطيط المنظم قد يؤدي لنتائج مدمرة إذا كانت النوايا سيئة.
- ماذا تحتاج مصر الآن؟ تحتاج إلى "نزق الشاعر وخيال المؤلف والمبدع وشططه وتقوى العابد"؛ أي الإبداع المتحرر الملتزم بالقيم. تحتاج إلى "الإنسان" الواعي القادر على التمييز والإبداع.
- "في سويداء السياسة": تعكس حالة الاستقطاب الفكري التي تعيق الحوار البناء وتفرض التصنيف بدلًا من الفهم.
- "تفكير إيجابي": يرى في الأحداث الماضية "حرث لكل العفن المتراكم"؛ عملية تطهير طويلة ومؤلمة لكنها ضرورية. "من يريد العسل لابد من احتمال لدغ النحل" تلخص الحاجة للصبر والتحمل.
ختامًا، إن مسار الفن هو انعكاس لمجتمعنا. كيف يمكننا، كأفراد ومؤسسات ودولة، أن نعمل معًا لإعادة للفن مكانته كقوة للارتقاء، ونبني الإنسان الذي تحتاجه مصر حقًا؟