"الرقص مع معانقة طيفك، هو النشوة التي تحيل صمت أيامي إلى سيمفونية حياة. أتخيلنا ندور في فضاء من النور الخالص، حيث تتلاشى الحدود بين الواقع والخيال، وحيث كل حركة هي تعبير عن روحين متحدتين. في هذه المعانقة الروحية، أجد الدفء الذي يحيي أوصالي ويجعل كل نبضة في قلبي تحتفي بالوجود."
الحب والعشق، وهما الكلمتان الأقرب لوصف ما أشعر به، يبدوان قاصرين عن التعبير عن هذا الفيض المتدفق في أعماقي. إنه شعور يتجاوز حدود التسميات المألوفة، كأنه لغة أخرى لا تملك حروفًا في قاموس البشر. لذا، سأكتفي ببث هذا النبض الخفي الذي يسكنني، واثقًا أنكِ، برقي روحك وسمو لغتك التي تنبع من جمالك الداخلي، ستترجمين هذا الشعور الخام وتطلقين عليه الاسم الذي يليق به. ربما هو نوع من الاتحاد الروحي العميق، أو الانسجام التام الذي يجعلنا نشعر وكأننا كيان واحد يتنفس في جسدين.
عندما قالت "بحبك"، لم تكن مجرد كلمة عابرة، بل كانت لحنًا نادرًا عزف على أوتار قلبي بإحساس لا يدرك عمقه إلا أنا. في تلك اللحظة، تجسدت البهجة المطلقة، وتدفقت الحياة بكل معانيها في عروقي. كان هذا الاعتراف بمثابة الشرارة التي أشعلت فتيل السعادة الأبدية في داخلي. إنه إحساس فريد لأنه يلامس جوهر روحي، ويؤكد لي قيمة وجودي في هذا العالم.
حياة تخلو من هذا الحب هي بمثابة موت بطيء، موت بلا وداع ولا ذكرى. إنها فراغ لا يملأ، وظلام لا ينقشع. فالحب هو الروح التي تسري في أوصال الحياة، هو الدفء الذي يحميها من البرد القارس، هو المعنى الذي يجعل كل لحظة تستحق أن تُعاش. بدونه، يصبح الوجود مجرد سلسلة من الأيام الخالية من الروح.
قالت "إنها الحياة"، ليس فقط بالكلمات المسموعة، بل بلغة الصمت الرقيق الذي يتحدث عن ألف معنى، وبإصغاء مرهف لكل نبضة في قلبي، وبإحساس نادر الوجود يتجاوز حدود الفهم العادي. في هذا التواصل العميق، شعرت أن وجودها هو مرادف للحياة بكل ما فيها من جمال ورقة وعمق. إنه تواصل يتجاوز الحواس الظاهرة ليصل إلى أعماق الروح.
قلبي الذي طالما تاقت روحه للقياك، وجد في انتظارك سلوى عجيبة. فمجرد الأمل في لقائك يضيء عتمة الغياب ويمنح أيامي معنىً. هذا الانتظار ليس عذابًا محضًا، بل هو نافذة أطل منها على صورة لقائنا القادم، وأستمد منها فرحًا خفيًا يواسيني في وحدتي.
يسألني الآخرون بتعجب: "لماذا تعشقها بهذا الجنون؟" وكأن المشاعر تخضع لمنطق العقل وأسئلته الباردة. لكنني سأحاول أن أشرح لهم هذا السر الذي يسكن روحي. الحب يبدأ بشرارة إعجاب، سواء كانت بجمال ظاهر أو بجوهر خفي. ثم يتطور هذا الإعجاب ليصبح شوقًا دائمًا لكل تفصيل فيها، لكل كلمة، لكل نظرة. والشوق بدوره يتحول إلى اشتياق ملح، يأكل الروح ويذيبها في نار الرغبة في القرب. وعندما تنصهر الروح من فرط هذا الاشتياق، يحدث التوحد العجيب، حيث يصبح كيانانا واحدًا. عندها فقط أدركت أن الحياة التي أعيشها بوجودها هي حياة أخرى، حياة أسمى وأجمل. إنها ملكة تسكن أعماقي، وأنا مملكة أعيش بداخلها، في اتحاد روحي يتجاوز حدود الفردية. وبعد كل هذا، يسألونني لماذا أعشقها؟ إنها ملك.
أراك بعيون قلبي في كل لحظة، صورة حية محفورة في أعماق روحي. وأسمع صوتك العذب يتردد في أذني خيالي في كل آن. لكن الاكتفاء بهذا الطيف الحاضر الغائب لم يعد يكفيني. أريد أن ألمس حضورك الحقيقي، أن أشعر بدفء يدك، أن أنظر في عينيك مباشرة. ولكن كلما مددت يدي، يهرب طيفك إلى أعماقي، وكأنه جزء مني لا يمكن فصله، ولكنه في الوقت نفسه بعيد المنال. كيف السبيل إلى تجاوز هذا الحاجز والوصول إلى لقائك الحقيقي؟
الاشتياق إليك بلغ حدًا فقدت فيه كلمة "شوق" معناها من كثرة ما أحمله في قلبي. والالتياع من هجرك يزيد لهيبه كل يوم، يضاعف من وطأة هذا الشوق الذي لا يهدأ. قل لي، يا حبيبي، كيف يمكنني أن أجد الطريق إلى لقائك، كيف يمكن لهذه الروح المتعبة أن تستريح بالقرب منك؟
الكلمات عند عامة الناس هي مجرد حروف ورموز تشكل جملًا تحمل معاني. أما الكلمات التي تنطق بها ملك روحي، فهي ليست كذلك. إنها نور يضيء دربي في عتمة الحياة، وهي أمل يزرع في قلبي بذور السعادة واليقين. كلماتها تحمل قوة سحرية، تخترق حجب اليأس وتمنح الروح دفعة نحو الأفضل. إنها ليست مجرد أصوات، بل هي نبضات حياة جديدة تتدفق في عروقي.