Blonde - تشريح ازدواجية نورما جين ومارلين مونرو ومعاناة أيقونة

 

الشقراء

تشريح ازدواجية نورما جين ومارلين مونرو ومعاناة أيقونة

=====



ربما يتصور البعض أن السينما مجرد صور متحركة أمام المشاهد، ولكن الحقيقة أن السينما وجهة نظر. فكل فيلم يحمل رؤية مخرجه ومؤلفه للعالم وللقصة التي يقدمها. وفي حالة "الشقراء"، نحن أمام وجهة نظر "آندرو دومينيك" لحياة مارلين مونرو، وهي رؤية قد لا تتفق بالضرورة مع الحقائق التاريخية أو وجهات نظر أخرى، وهو ما يفسر جزئيًا حالة الانقسام الواسعة حول الفيلم. فنحن أمام عمل مختلف عليه تمامًا، سواء مؤيد أو معارض، ولكنه عمل شديد الالتباس؛ لأنه تراوح ما بين الخيال والحقيقة، وبين جمال فاتن في التناول وقبح مزرٍ في مواقع أخرى. ولكن في النهاية، أظهر لنا وجود نورما جين التي تحمل على عاتقها مارلين مونرو، والمعاناة التي ترعرعت فيها من الصغر إلى لحظة الممات، في مشاهد تُدرس في معاهد التمثيل من شدة الصدق من الممثلة آنا دي أرماس، وعبقرية المخرج، وبعده المونتير الرائع مع مهندس الإضاءة.

مارلين مونرو:

وُلدت في الأول من يونيو 1926م في لوس أنجلوس، وماتت بها في 5 أغسطس 1962، وهي ممثلة ومغنية أمريكية. وسُميت عند مولدها نورما جين بيكر. كانت ستتجه في الأصل إلى مهنة عرض الأزياء، إلى أن وجدها هاورد هيوز وأقنعها بأن توقع عقدها الأول مع شركة أفلام فوكس للقرن العشرين في أغسطس 1946. واستطاعت في بداية الخمسينيات أن تصبح نجمة هوليودية ورمزًا جنسيًا. شملت نجاحاتها الكبرى أفلام «الرجال يفضلون الشقراوات»، «سنة الحكة السابعة»، وأيضًا «البعض يفضلونها ساخنة»، والذي رشحها لجائزة الغولدن غلوب لأفضل ممثلة كوميدية في عام 1960م. ورغم تلك الشهرة المهولة، فقد فشلت مونرو في حياتها الشخصية، ولم تحقق لها مهنتها الرضا النفسي. وقد أثارت وفاتها العديد من الاحتمالات والظنون (انتحار، جرعة زائدة من المهدئات، أو اغتيال سياسي)، ما ساهم في تقوية مركزها كرمز ثقافي

حيث تعامل الجميع مع نورما جين على أنها مجرد جسد أنثوي، والكل ينهش فيه دون أي إحساس، حتى ولو غريزي. حتى بعد أن أصبحت النجمة الأشهر في هوليود، لم يتعامل معها كنجمة حقيقية، بل مجرد جسد، وأيضًا كمريضة نفسيًا. حتى وصل بنا كمشاهدين أن الظن تملك منا أن نورما جين عندها فصام حقيقي؛ حيث إنها تتعامل مع مارلين كأنها شخص آخر. لقد نجحت آنا دي أرماس بشكل لافت في تجسيد هذا الاغتراب والوحدة التي عانت منها نورما جين حتى في أوج شهرتها، ويمكن تلمس ذلك في لغة جسدها الحائرة ونظرات عينيها الشاردة في العديد من المشاهد.

والسبب الحقيقي لهذا هو الرجل، ابتداءً من الأب الغائب مكانيًا والموجود في ذهنها فقط، واحتياجها له على الدوام، ولكن لم يظهر. ثم رجال الاستوديوهات والمكاتب التمثيل، وهم حيوانات جنسية في صورة إنسان، والذين صورهم الفيلم كجزء من بيئة هوليوود الاستغلالية التي تعاملت مع النساء كن commodities. وأيضًا زوجها الرياضي الذي كان، من شدة حبه لها وغيرته عليها، يقوم بضربها، وهي من هي! حتى الكاتب الكبير قدم لها الحب الحقيقي، ولكن لم يقدم الاحتواء للاثنين (نورما جين ومارلين)، حيث رأى فيها صورة مجسدة للحب المفقود لديه (ماجدة). وانتهاءً برئيس أمريكا، رئيس العالم الحر كما يدعون، وكان يعاملها كأنها عابدة مُشتراة من سوق العبيد، ويعاملها بمنتهى الحقارة التي لا تستحقها. هذا التعامل المهين يبرز كيف تم اختزال نورما جين إلى مجرد جسد ورمز جنسي، وتجاهل إنسانيتها ومعاناتها.

طبعًا، السرد غير عادي؛ حيث الإبداع الحر على كافة المستويات، سواء من حيث الزمان والمكان، وأيضًا الحياة النفسية التي مرت بها، من خلال تناول غير عادي لحياة أحد مشاهير القرن العشرين دون تجميل أو كذب؛ حيث إظهار الحقيقة من الأم المجنونة التي حاولت قتلها وهي صغيرة، وأيضًا الذهاب لدار الأيتام، وإظهار مدى بشاعة النخبة ومعرفة مدى جشعها لصالحها فقط، حتى ولو على حساب الجنين الذي أُجهض من أجل فيلم. وقد ساهم التنقل غير الخطي في السرد في خلق شعور بالاضطراب وعدم الاستقرار الذي ميز حياة نورما جين، مما يعكس تفتت هويتها بين نورما ومارلين.

الفيلم جنسي بشكل فج جدًا، وفي كثير من الأحيان غير مبرر دراميًا، وبه تطويل بدون داعٍ، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت هذه المشاهد تخدم حقًا رؤية المخرج في تصوير وحشية الاستغلال أم أنها مجرد إثارة للجدل. ولكن يُحسب له الغوص في الشخصية دون خوف الجميع.

الشقراء (بالإنگليزية: Blonde) هو فيلم سيرة ذاتية من كتابة آندرو دومينيك وإخراجه. الفيلم مبني على رواية جويس كارول أوتس "الشقراء" (2000)، والفيلم يصور حياة الممثلة مارلين مونرو التي ستقوم بدورها آنا دي أرماس، كما يشارك في بطولة العمل أدريان برودي وبوبي كانافال وجوليان نيكولسون. العمل من إنتاج ديد غاردنر وجرمي كلينر وتراسي لاندن وبراد بيت وسكوت روبرتسون. وقد أثار الفيلم جدلاً واسعًا عند عرضه، حيث انقسم النقاد والجمهور بين من رأى فيه عملًا فنيًا جريئًا يستكشف أعماق شخصية مضطربة، وبين من انتقده بسبب تركيزه المفرط على الجوانب الجنسية والسوداوية في حياة مونرو.

في الختام، يظل "الشقراء" عملًا مهمًا لأنه يثير نقاشًا ضروريًا حول استغلال المشاهير، وازدواجية الهوية التي يفرضها عليهم المجتمع، وتأثير صناعة السينما على الأفراد. وحتى لو كان الفيلم مثيرًا للجدل في بعض جوانبه، فإنه يفتح حوارًا حول الكلفة الإنسانية للشهرة والأيقنة.

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

مولانا تصميم ahmad fathi © 2014

يتم التشغيل بواسطة Blogger.