"كلمة قاطعة: التحرش ليس ناتجًا عن الملابس والتبرج وباقي الكلام الفارغ هذا. التحرش سببه الذكورية الفجة من كل المجتمع على كل المستويات. لمواجهة هذه الآفة، يصبح تفعيل وتحديث القوانين التي تجرم جميع أشكال التحرش وتفرض عقوبات رادعة أمرًا ضروريًا. يجب أن يصاحب ذلك إنفاذ للقانون بجدية وشفافية على الجميع دون استثناء، مع تسهيل إجراءات الإبلاغ وتوفير قنوات آمنة للضحايا والشهود، بالإضافة إلى توعية الجمهور بالقوانين من خلال حملات شاملة.
الأمر ليس عدم تدين أو تدين، الأمر اجتماعي بحت. لذا، حل التحرش بالقانون الرادع لمن قام بالفعل أو القول خلاف ذلك حرث في الماء. لتحقيق ذلك، يجب تضمين مفاهيم السلامة الشخصية في المناهج التعليمية وتوعية الأهل بدورهم في تربية أبنائهم على الاحترام والمساواة. من المهم أيضًا تعزيز ثقافة الاستماع والتصديق في البيئات التعليمية والأسرية، ومكافحة التنمر والتحرش بفاعلية داخل هذه المؤسسات من خلال سياسات واضحة وآليات للتعامل مع الحالات.
عندما تنتهي ثقافة تسليع المرأة، سواء في الميديا أو في أرض الواقع، ربما وقتها نتكلم عن التحرش ككارثة اجتماعية. لتحقيق هذا التحول الثقافي، يجب أن تلعب وسائل الإعلام والفن دورًا مسؤولًا في تقديم محتوى يناهض هذه الثقافة ويعزز صورة إيجابية للمرأة. كما أن حملات التوعية المجتمعية الواسعة وتمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا وتشجيع الحوار والنقاش حول قضايا النوع الاجتماعي تمثل خطوات حيوية.
يا سادة وسيداتي، القانون، كما يقولون، الحد الأدنى للأخلاق. لذا، القانون الحاسم الرادع لكل من تسول له نفسه التحرش الجنسي كفيل بوقف هذه المهزلة. ولنا في حملة #MeToo العالمية، التي استقطبت ملايين النساء حول العالم، بمن فيهن العديد من المشاهير، ليكشفن عن تجاربهن المؤلمة مع التحرش الجنسي من قبل أشخاص نافذين في مختلف المجالات، دليل قاطع على انتشار هذه الجريمة وتأثيرها المدمر. لقد ساهمت هذه الحملة في كسر حاجز الصمت وتشجيع المزيد من الضحايا على التحدث والمطالبة بالعدالة، وأدت إلى محاسبة بعض الجناة. لتقديم الدعم اللازم للضحايا، يجب توفير خدمات دعم نفسي واجتماعي متخصصة وإنشاء خطوط ساخنة ومجانية. كما أن دعم مبادرات المجتمع المدني العاملة في هذا المجال وتسهيل الوصول إلى العدالة للناجيات أمر بالغ الأهمية.
لكن عندما نبدأ بتطبيق القانون، هذا إن حدث، ستجد 'عارف ده ابن مين' و'عارف ده مين قريبه' و'عارف ده يعرف مين'. إذن، المشكلة ليست تحرشًا فقط، بل المشكلة أننا لسنا مجتمعًا حقيقيًا، بل مجرد أفراد لا رابط بينهم إلا الأرض. لبناء مجتمع حقيقي، يجب تعزيز قيم المواطنة والمسؤولية ومكافحة الفساد والمحسوبية التي تعيق تطبيق القانون. يمكن أيضًا استخدام التكنولوجيا لمكافحة التحرش من خلال تطوير تطبيقات للإبلاغ الآمن ومراقبة المحتوى المسيء واستخدامها في التوعية. وأخيرًا، تعزيز التعاون الدولي لتبادل الخبرات وتطبيق الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان يمثل خطوة إضافية نحو مواجهة هذه المشكلة المعقدة."