الثورة الجنسية

الثورة الجنسية
=========

❓لماذا الثورة الجنسية؟

ولماذا تصرّ النخبة على قيادتها؟

✍️ بقلم: محسن عباس


بلد الإسلام، القاهرة التي كانت صاحبة الألف مئذنة، تتحوّل اليوم إلى مسرحٍ كبيرٍ تُدار فيه عروض الزيف باسم الفن والتنوير.

منذ عقودٍ كنا نسمع حديث الروح والأطلال ورقّ الحبيب.
أما الآن، فاستمع جيدًا: "بحبك يا حمار" و*"ركز في الحلاوة"* و*"هما شعب وإحنا شعب"*!

لقد تبدّل اللسان لأن الذوق نفسه انقلب.
هذه ليست مجرد أغانٍ... إنها الوجه الشعبي المُروّج لما يُسمّى الثورة الجنسية، فهي مؤشر على انهيار الذوق وانقلاب الوجدان.


🎭 من الفن إلى تفريغ الوجدان

الفن الذي كان يعبر عن الإنسان، صار يستثمر في جسده.
هذا الاستثمار الرخيص في الإثارة الغريزية هو الاسم الحقيقي للثورة الجنسية، لأنه يهدم قدرة المجتمع على إنتاج قيمة فنية ويُسطّح الوعي.

هيفاء ترقص على أنغام حكيم في "حلاوة روح"، ويُقال عنها "فن"!
وأنا أقول: لا، بل هو تفريغٌ للفن من رسالته وتحويله إلى منتج شَهوانيٍّ مبتذل.

بعد أم كلثوم وعبدالوهاب وفريد الأطرش، جاءنا جيلٌ لا يعرف المقام الموسيقي، بل يعرف الإثارة السمعية والبصرية.
هل هذه نهضة فنية؟ لا.
إنه انهيار حضاري متكامل.


🧠 النخبة... قادة التطبيع الفكري

من هم روّاد هذه الثورة؟
إنهم المتصدرون للمشهد الثقافي والإعلامي الذين رفعوا راية كسر الثوابت باسم التنوير.

كل واحد منهم — بدرجةٍ أو بأخرى — شارك في تطبيع فكرة الهدم تحت لافتة التقدّم.
وهذا ليس فكرًا، بل تبرير فلسفي للسطحية وبيعٌ للوهم باسم الحرية.

إنها الثورة الجنسية الفكرية: إفساد الوعي الجمعي تحت غطاء الحداثة.


💣 الدعارة الفكرية

كانت الدعارة قديمًا بيع الجسد، واليوم أصبحت بيع الفكر والكرامة والضمير، وأحيانًا بلا مقابل.

من يبيع عقله أو ضميره تحت راية التنوير، هو الوجه الرسمي للثورة الجنسية.
إنهم المنافقون الجدد: يصلّون بأجسادهم ويزنون بأفكارهم، يتحدثون عن الأخلاق بينما يعيشون في مستنقع الزيف.


⚖️ هدم الدين... تمهيد للانفجار

من يسخر من البخاري أو يشتم الأئمة الأربعة أو يضع العقل فوق النص بدافع الهدم لا الإصلاح،
فهو في الحقيقة يُحرّر الغرائز لا الفكر، ويمهّد للانهيار الأخلاقي الشامل.

كل عبثٍ بالعقيدة، وكل تهكمٍ باسم "العقلانية"، هو وقود الثورة الجنسية المستترة في النفوس.


🧨 نحن نعيش الثورة فعلاً

يا سادة، لسنا نتهيأ لها — نحن نعيشها الآن:
في الإعلانات، والأغاني، والدراما، والتوك شو، والصحف، والمجلات، وحتى في لغة الشارع.

لكننا نخاف الكلمة ونمارس الفعل.
نستنكر الاسم، ونعيش المعنى.


🩸 الحقيقة المرة والنداء الأخير

الثورة الجنسية ليست عريًا فقط، بل تسطيح للوجدان وانهيار للمنظومة القيمية.
إنها مرضٌ نفسي يصيب مجتمعًا فاقد التوازن، تُغذّيه نخبة فاشلة تبحث عن نصرٍ وهمي في الجسد بعد هزيمتها في العقل والروح.

من أراد الإصلاح، فليعترف أولًا أن الثورة الجنسية قائمة بالفعل — في الفن، في الإعلام، في الاقتصاد، في السياسة، وحتى في الدين.

ولا علاج دون تعرية.
ولا نهضة دون صدق.

نعم، الثورة الجنسية وقعت...
لكنّ ثورتنا القادمة يجب أن تكون ثورة على الثورة الجنسية نفسها
ثورة لاسترداد إنسانية الإنسان قبل أن تضيع بين الشهوة والزيف.


التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

مولانا تصميم ahmad fathi © 2014

يتم التشغيل بواسطة Blogger.