اقاصيص

اقاصيص
===========

الاولى
===
فتاة الياسمين
=======

تفتّحت عيناها على حقول الياسمين،
فعشقتها حتى تماهت بها،
وصارت كلما مرّت، شمّ الناس عبيرها،
بل رأوها ياسمينةً يانعة تتمايل في الضوء.

لكن القنّاص جاء،
وأخذها من بستانها،
ووضعها في زهريةٍ مزركشة لتزيّن مكانه،
ونسي أن يرويها… ولو بنظرة.

وفي لحظةٍ نادرة،
زارها بستانيٌّ يعرف لغة العطش،
فأخذ يرويها بهدوءٍ حتى عادت للحياة.

غير أنها، منذ ذلك اليوم،
أصبحت تخشى الهروب من الزهرية… كي لا تموت.

فتاةُ الياسمين تقف على حافة الحياة.

ترى…
هل ستنجو؟
أم ستمثّل أنها لا تزال على قيدها؟


الثانية 
===
السراب والقمر
========

كانت تلهو في فناء بيتها الصغير،
ترتدي تنورةً فضفاضة تخفي بها أنوثةً بدأت تُفصح عن نفسها.
كانت تمشي على الحبل المشدود بين عمودين،
تشعر أنها كلّما توازنت عليه، تخرج قليلًا من أسر البيت المثقل بالقيود.

وذات يوم، رأت في نهاية الحبل نجمةً تتلألأ،
مدّت يدها لتلمسها، لكنها كانت سرابًا.
دار بها كل شيء، وانهار توازنها،
فسقطت من حبلها الأثير.

وقبل أن ترتطم بالأرض،
امتدت يدٌ تلقفها في اللحظة الأخيرة،
فنجت من الموت.

ظنّت أنه بطلها الحقيقي،
فأسلمت له قلبها، علّها تحيا معه في سماءٍ من نجومٍ كما حلمت.
لكن الأيام مضت ثقيلة،
حتى اكتشفت الحقيقة:
لم يكن بطلها،
بل كان هو أيضًا يحاول لمس القمر،
فسقط على الأرض، وحين أفَاق، أنقذها فقط خوفًا على نفسه.

وذات ليلة، رأت القمر يدنو منها،
بل لمسته بأطراف أصابعها،
لكنها خشيت أن يكون سرابًا جديدًا، فهربت.

وظلّت تهرب وتهرب،
بين الحلم واليقظة، بين النور والظل،
حتى وجدت نفسها تدنو من القمر دون أن تدري.

وفي لحظةٍ حاسمة،
استجمعت قواها، ومدّت يديها إليه،
وأمسكت بالقمر،
تطلق من صدرها كل أنفاسها المكتومة
منذ كانت تلهو على الحبل...
بالتنورة الفضفاضة.

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

مولانا تصميم ahmad fathi © 2014

يتم التشغيل بواسطة Blogger.