تحديد الثقافة: خطوة نحو الوعي.

  • تحديد الثقافة: خطوة نحو الوعي.

========

1. مقدمة:

ألم يحن الوقت بعد لنتفق على أرضية مشتركة؟ قبل أن نشرع في الحديث عن الثقافة، نبدأ أولاً في تحديد ماهيتها، حتى نقف على أرضية مصطلح محدد غير غائم على البعض. الثقافة كلمة قديمة وعريقة في العربية، فهي تعني صقل النفس، والمنطق، والفطانة. وفي المعجم: "وثقف نفسه" أي صار حاذقاً خفيفاً فطناً، و"ثقفه تثقيفاً" أي سواه، و"ثقف الرمح" تعني سواه وقومه. والمثقف في اللغة هو القلم المبري، وقد اشتقت هذه الكلمة منه، حيث أن المثقف يقوم نفسه بتعلم أمور جديدة، كما هو حال القلم عندما يتم بريه. وقد حملت كلمة "ثقافة" عبر تاريخ اللغة العربية دلالات مرتبطة بالتهذيب والرقي الفكري، لتتوسع مع مرور الزمن لتشمل...

2. الثقافة في الأنثروبولوجيا الأمريكية:

على الرغم من أن علماء الأنثروبولوجيا في جميع أنحاء العالم يوافقون على تعريف إدوارد تايلور للثقافة، إلا أنه في القرن العشرين برز مفهوم كلمة "ثقافة" بوصفه مفهوماً مركزياً وموحداً في الأنثروبولوجيا الأمريكية. فهي تشير إلى القدرة الإنسانية بصورة رمزية وبشكل كبير، والتي بدورها تعبر عن الخبرات الفردية بشكل رمزي، وفي الوقت ذاته تقوم بربط تلك الخبرات الرمزية بشكل اجتماعي. فيمكن تقسيم الأنثروبولوجيا الأميركية إلى أربعة حقول، كل منها يشارك بدور هام في البحث عن الثقافة:

  1. الأنثروبولوجيا البيولوجية؛
  2. اللغويات؛
  3. الأنثروبولوجيا الثقافية؛
  4. علم الآثار.

ويرى ماكجرو بأنه يمكننا النظر إلى الثقافة باعتبارها منظومة. وقد أوضح ستة خطوات لتلك المنظومة:

  • لابد من وجود اكتساب سلوك من نوع جديد، أو على الأقل تعديل لسلوك كان موجوداً مسبقاً.  
  • لابد لهذا الكائن الذي اكتسب سلوكاً جديداً أن ينقله إلى غيره من بنى جنسه.
  • يتسم السلوك الجديد بالترابط في حد ذاته وفيما بين الكائنات المكتسبة له بعضهم البعض، في ضوء الخصائص السلوكية المتعارف عليها.
  • يجب أن يتسم السلوك المكتسب بالاستمرار لكي يقوم بممارسة أثره أطول فترة ممكنة بعد فترة الاستجابة.  
  • يجب أن ينتشر هذا السلوك في شكل وحدات اجتماعية. قد تكون هذه الوحدات الاجتماعية على شكل عائلات، عشائر، قبائل، أو أقارب.
  • وأخيراً، يجب أن يستمر هذا السلوك عبر عدة أجيال. ولفهم هذه الخطوات بشكل عملي، يمكننا أن نتخيل مجتمعاً يكتسب عادة جديدة في الترحيب بالضيوف (اكتساب سلوك)، ثم يبدأ أفراد هذا المجتمع في تعليم هذه العادة لأطفالهم (نقل السلوك)...

3. الأنثروبولوجيا: العلم الذي يدرس الثقافة:

الأنثروبولوجيا هي علمُ الإنسان، أي الدراسة العلمية للإنسان، في الماضي والحاضر، الذي يرسم ويبني على المعرفة من العلوم الاجتماعية، وعلوم الحياة، والعلوم الإنسانية. وقد نُحتت الكلمة من كلمتين يونانيتين هما: "anthropos" ومعناها "الإنسان"، و"logos" ومعناها "علم". وعليه، فإن المعنى اللفظي لاصطلاح الأنثروبولوجيا (anthropology) هو علمُ الإنسان. وتُعرّف الأنثروبولوجيا تعريفاتٍ عدة أشهرها:  

  • علمُ الإنسان.
  • علمُ الإنسان وأعماله وسلوكه.
  • علمُ الجماعات البشرية وسلوكها وإنتاجها.
  • علمُ الإنسان من حيث هو كائنٌ طبيعي واجتماعي وحضاري.
  • علمُ الحضارات والمجتمعات البشرية.  

هذهِ التعريفات هي "للأنثروبولوجيا العامّة"، ويمكنُ من خلال التعريف الرابع أن نعرفَ "الأنثروبولوجيا الاجتماعية" على أنها: علم الإنسان من حيث كونه كائناً اجتماعياً. ومن بين فروع الأنثروبولوجيا الأربعة، تعتبر الأنثروبولوجيا الثقافية هي الأكثر تخصصاً في دراسة الثقافة، حيث تعتمد على رؤى من الأنثروبولوجيا البيولوجية لفهم الأسس البيولوجية للسلوك، ومن اللغويات لتحليل دور اللغة في تشكيل الثقافة، ومن علم الآثار لاستكشاف الثقافات الماضية.  

4. أهمية نشر الثقافة الرفيعة:

نشر الثقافة الرفيعة التي تسمو بالعقل والتي تجعله عقلاً نقدياً باحثاً عن الحقيقة أينما كانت هو مجهود مضنٍ جداً، ولكن خفي على أصحاب الرؤية الأحادية النظر، والتي تنظر للأشياء كمحسوسات فقط تلمسها الأيدي وترضي غرور التشفي وإراحة النفس التواقة للدعة عن طريق بعض الكلمات والأفكار المباشرة جداً التي تفقدها رونقها بعد لحظات من جفاف المداد المكتوبة به. غالباً ما تنظر الرؤى الأحادية إلى الثقافة من زاوية ضيقة، مثل التركيز فقط على الإنتاج المادي أو الفنون البصرية، متجاهلة الأبعاد الأكثر عمقاً المتعلقة بالقيم والمعتقدات وأنماط التفكير.

5. الهدف من التركيز على المصطلحات:

من أجل بني وطني وأخواتي في الإنسانية، أحاول قدر المستطاع نشر ما هو مفيد مع ترسيخ مفاهيم المصطلحات كتعريفات بالرجوع للأصول للتعريف بها، بعد أن ضاعت ملامح كثير من تلك المصطلحات بفعل فاعل، سواء بنشر التجهيل المتعمد أو الالتباس المتعمد لنشر المصطلح، حتى يتم قيادة من هم دون علم أو معرفة أو رؤية تستند إلى الحقائق المجردة. إن نشر التجهيل المتعمد أو الالتباس المتعمد للمصطلحات لا يقود فقط إلى ضبابية في الفهم، بل قد يستغل للتأثير على آراء الناس وتوجيههم نحو أجندات معينة.

6. خاتمة:

والله ولي التوفيق.


التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

مولانا تصميم ahmad fathi © 2014

يتم التشغيل بواسطة Blogger.