الشعب المصرى المظلوم



الشعب المصرى المظلوم

مقدمة:

في الآونة الأخيرة، بتنا نسمع من يُكيل للشعب المصري شتى النعوت السلبية. ولهؤلاء نقول: إن الجهل الذي يضرب بجذوره في أرض هذا الشعب ليس مجرد قصور فطري، بل هو نتاج عملية ممنهجة ومدروسة. لقد تم زرع هذا الجهل بخطة "علمية" حقيقية، هدفها إبقاء هذا الشعب بعيدًا عن المعرفة الحقيقية، سائرًا في ظلمات التيه، ليتمكن "الأسياد" (النخبة السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية) من بسط نفوذهم وسيطرتهم. ولنا في مناهج وزارة التربية والتعليم، التي تركز على الحفظ والتلقين بدلًا من الفهم النقدي، وفي الأعداد غير الطبيعية للتلاميذ في الفصل الواحد، بل ومستوى بعض المدرسين، أمثلة حية وقريبة من الأذهان.

غياب ثمار التنمية الحقيقية وآلية التبعية:

من يتحدث عن شعب واعٍ يدافع عن مكتسباته، عليه أن يعلم أن هذا الشعب لم يرَ طريق ثمار التنمية الحقيقية بعد. هذه الثمار لا تهبط عليه مهما حدث، بل لا يصل إليه إلا الفتات الحرام في صورة عطايا ومنح وهبات من النخبة، وليست في صورة حقوق مصونة ومكفولة. إنها مجرد فتات يُلقى إليه من قبل النخبة الاقتصادية، بهدف بناء شبكة علاقات عامة تخدم مصالحها الفاسدة وتضمن لها السيادة المطلقة على الشعب. والجدير بالذكر أن ثمار التنمية الحقيقية التي نتحدث عنها غير موجودة من الأصل، لأنه لا توجد تنمية حقيقية بالمعنى الشامل.

تدهور المكون الثقافي: صناعة الجهل والتزييف:

نأتي إلى المكون الثقافي الذي تنتجه النخبة وتلقيه على الشعب. لتعرف عن أي شعب تتحدث، عليك أن تدرك أننا – وبلا فخر – ننتج ما قد يعجز الشيطان نفسه عن فعله من ترسيخ لمفاهيم سلبية. يتم الترويج لأن الجهل المصحوب بالفهلوة الزائفة أفضل من العلم الحقيقي، وأن الحرام هو الوسيلة الوحيدة للإثراء والانتقال من طبقة الكادحين إلى طبقة "المصريين الجدد" الذين لا يعرفون من الحياة إلا الملذات الحسية المباشرة: الطعام والشراب والجنس المحرم. هذا المكون الثقافي يقدمه للشعب مجرد عاهات بشرية ونفايات بشرية، يستحيل أن يكونوا من صنف البشر الأسوياء. إنهم يتنفسون كذبًا، ويقومون بتزيين القبح بكل أشكاله وألوانه بمختلف المساحيق، لأنهم لا يهمهم إلا تحقيق مصالحهم الذاتية. أما المتلقي فهو مجرد متفرج أبله، وهم يريدون له المزيد من العبط والهطل لتسود "أسياد الكل"، حيث أن من يقدم هذا المحتوى ليسوا سوى خدم لدى هذه القوى العليا.

"حكومة القمامة" وتلوث الوعي:

وأظن أن المشهد العام الظاهر للجميع منذ يوم 29 يناير 2011 لا يحتاج مني إلى إحضار أمثلة محددة للتدليل على صحة ما أقوله. فنحن نعيش في "حكومة قمامة" كبيرة، والكل يتنفس منها قاذورات غير مسبوقة على مدار التاريخ.

العبث بالدين: تدمير آخر ملاذ:

وقبل أن نختتم هذا الحديث المليء بالشجون، نود أن ننوه عما قيل مرارًا في مناسبات شتى عن اللعب في الدين وأصوله من قبل الجميع. لقد أصبح الدين ساحة يدلي فيها السفهاء بدلوهم، حتى يحرموا الإنسان من آخر خيمة يمكن أن يحتمي بها. والهدف النهائي هو إنتاج كائن مستهلك لمنتجاتهم وعامل في مشروعاتهم فقط. أما إذا كان غير منتج وغير مستهلك، فهو خارج دائرة رؤية النخبة ومن ورائها من أسياد عليا.

سؤال للمُتَّهمين:

يا سادة، قبل أن تنعتوا الشعب بكل النعوت، قولوا لي بصدق: ماذا قدمتم لهذا الشعب؟

المُتَّهمون الصامتون:

كل من ينعت الشعب هو مشارك في تجهيله، إما بصمته عن الحق وإما بتركه يقف منفردًا أمام آلة تضليل أضخم من الخيال، تمتلك أدوات محلية وإقليمية ودولية. هذه الآلة لا تريد إلا شعبًا مسخًا لا يعرف للوعي طريقًا. والأسباب معروفة للجميع، وأحداث حرب رمضان/أكتوبر 1973 ليست ببعيدة عن الأذهان، تلك الحرب التي أبهرت الأعداء قبل الأصدقاء بالإبداع على كل المستويات البشرية. ومن هذا التاريخ، وربما قبله أيضًا، بدأت الخطط لكسر هذا الإبداع البشري بأي ثمن.


التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

مولانا تصميم ahmad fathi © 2014

يتم التشغيل بواسطة Blogger.