نظرة مختلفة للسينما المصرية

نظرة مختلفة للسينما المصرية
===========




تحليلي لفيلم "نهر الحب" يركز على التلاعب الخفي بقيمنا من خلال تصوير الزوج المطعون في كرامته كشخصية شريرة وغليظة، بينما تُعرض الزوجة الخائنة في صورة الضحية الباكية والمقهورة. هذا التنميط يقلب بشكل ضمني الموازين الأخلاقية، محاولًا تبرير الخيانة أو على الأقل تخفيف وطأتها في وجدان المتفرج. وبالنظر إلى اقتباس الفيلم عن "آنا كارنينا" لتولستوي، يثور التساؤل حول كيف تعاملت السينما المصرية، في ظل الأيديولوجيات الاجتماعية السائدة آنذاك، مع الاقتباسات الأدبية الكلاسيكية التي تتناول قضايا أخلاقية معقدة؟ وهل حافظ الفيلم على العمق الأخلاقي للرواية الأصلية أم سعى لتبسيطها بما يخدم رؤية معينة؟

فيلم "قطة على نار" يمثل نموذجًا آخر للعبث بالوعي، فبينما يُصنف ظاهريًا كفيلم جنسي يستغل جاذبية بوسي، يحمل في طياته فكرة "خطيرة" حول القبول الاجتماعي للشاذ كشخص عادي، وتقديم الزوجة في صورة المجرمة. هذا الفيلم، في رأيي، يسعى بهدوء الثعابين إلى تغيير معتقداتنا الأساسية. في سياق اجتماعي شهد تحولات في المفاهيم والقيم، وفي ظل دور محتمل للرقابة على المحتوى، كيف استقبل الجمهور والنقاد في ذلك الوقت هذه المحاولة لتقديم مثل هذه الأفكار؟ وهل أثارت نقاشًا أوسع حول هذه القضايا، ربما تأثرت بالاستقبال النقدي للفيلم؟

أما فيلم "الأفوكاتو"، فيقدم لنا صورة قاتمة عن مجتمع لا يرحم المستقيم. المحامي الذي يسعى لحياة طبيعية بإنسانيته ومهنيته يجد نفسه مضطرًا للتحول إلى "وحش" ليتمكن من البقاء في "غابة الحياة". رسالة الفيلم تبدو واضحة: لا مكان للقيم في مجتمع يحكمه قانون القوة. اقتباس حسن سبانخ يزيد من هذا الشعور باليأس. بالنظر إلى الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي أنتج فيها الفيلم، هل كان يعكس إحباطًا حقيقيًا وتصاعدًا لشعور بعدم جدوى التمسك بالقيم في مواجهة قسوة الواقع؟ وكيف خدمت اللغة البصرية للفيلم، ربما الإضاءة القاتمة أو الزوايا الضيقة، في تعزيز هذا الشعور؟

فيلم "الخيط الرفيع" يقدم نموذجًا أكثر دهاءً لتغيير الوعي. فبدلًا من العاهرة النمطية، نرى فاتن حمامة في دور فتاة فقيرة تتحول إلى عشيقة لرجل ثري، ولكن بتقديم أنيق و"شيك" يوحي بأنها سيدة مجتمع محترمة. هذا التغليف الراقي للخيانة، في رأيي، هو الأخطر، لأنه يُمرر فكرة ضمنية بتقبل مثل هذه العلاقات بل وتجميلها. في تاريخ السينما المصرية، كيف تطورت صورة المرأة العاملة والمرأة التي تخوض علاقات خارج الزواج؟ وهل كان هناك اتجاه لتجميل أو تبرير مثل هذه العلاقات في مراحل معينة، ربما تأثرًا بأعمال أدبية أو سينمائية أجنبية؟ إن تقديم فاتن حمامة، "سيدة الشاشة"، في هذا الدور يجعل الرسالة أكثر تأثيرًا. هذا الفريق من إحسان عبد القدوس وهنري بركات قدموا نموذجًا للعاهرة "المغلفة في سوليفان" التي تمر بهدوء إلى وعي المتلقي وتستقر فيه كـ "هانم" وليست عاهرة. لا يمكن إغفال هنا تأثير النجومية الهائلة لفاتن حمامة في تقبل الجمهور للشخصية التي قدمتها. فكونها "سيدة الشاشة"، ربما ساهم في تلطيف صورة العاهرة الأنيقة وجعلها أكثر قبولًا لدى قطاعات واسعة من المشاهدين.

إن هذه الأفلام، وغيرها، تستخدم أدوات الفن المختلفة لتشكيل وعينا بهدوء وتدريج، وهو ما يستدعي منا نظرة نقدية واعية لما نشاهده وتأثيره على قيمنا ومعتقداتنا. في سياق التغيرات الاجتماعية والثقافية المستمرة، كيف يمكننا تطوير أدواتنا النقدية لتحليل وفهم الرسائل الضمنية التي تحملها الأعمال الفنية المختلفة؟ وهل هناك مسؤولية تقع على عاتق الفنان في تقديم أعمال لا تهدم القيم الإنسانية الحقيقية؟ وهل ما زالت هذه الأفلام تُعرض وتُناقش اليوم، وبأي سياق؟

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

مولانا تصميم ahmad fathi © 2014

يتم التشغيل بواسطة Blogger.