"مشكلتك أنت وأمثالك من الهاموش والهلافيت اللي بتيجي عليهم لحظات بيتصوروا إنهم حاجة، الحقد والغل اللي جواكم هو اللي بينفخكم ضد أسيادكم، لكن لأنكم جهلة، مغرورين، مش قادرين تفهموا إن طبيعة الكون نفسه لا يمكن تديكم الفرصة أبدًا إنكم تفسدوا علينا حياتنا يا جرابيع، الحقد اللي جواكم لا يمكن يغير نظام الكون."
مع تحيات احد نجباء مصر كرم مطاوع رجل الاعمال (أسعد ياقوت) فيلم المنسى
تعليقي على هذا المقطع من كرم مطاوع في فيلم "المنسي" يلامس نقاطًا جوهرية حول طبيعة السلطة، الطبقية، ودور الفن في عكس وتشريح هذه القضايا. كلمات أسعد ياقوت تعكس بوضوح ازدراء الطبقة المسيطرة واستعلائها على من تعتبرهم "هاموش وهلافيت". هذا الخطاب مليء بالكراهية والحقد المضاد لمن يجرؤ على تحدي سلطتهم أو حتى مجرد الوجود بشكل مستقل. وصفه لهم بـ "جرابيع" وادعاؤه بأن "طبيعة الكون نفسه لا يمكن تديكم الفرصة أبدًا إنكم تفسدوا علينا حياتنا" يكشف عن شعور دفين بالخوف من فقدان الامتيازات والرغبة العارمة في الحفاظ على الوضع الراهن بأي ثمن، وهو ما يمثل تشخيصًا دقيقًا لذهنية السلطة.
تعليقي يربط هذا المشهد بواقع أعمق وأشمل، حيث أرى أن هذه الكلمات ليست مجرد تعبير عن شخصية في فيلم، بل هي تلخيص لطريقة عمل "المنظومة" التي تعتمد على استغلال "آلات بشرية" لا تعترف بحقوق أو مشاعر إنسانية إلا لمن هم داخلها. تشبيهي لمن هم خارج المنظومة بـ "أرقام" و"خدم وعبيد" يعكس رؤية قاسية للواقع الاجتماعي والاقتصادي، وهو نقد لاذع للطبقية والاستغلال الذي يمثل جوهر عمل هذه المنظومة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تحليل رمزية وصف "الهاموش والهلافيت" و "الجرابيع". هذه الأوصاف الحيوانية المهينة تجرد الطرف الآخر من أي قيمة إنسانية، وتصوره ككائنات ضعيفة وغير مرغوب فيها، مما يعكس نظرة استعلائية متجذرة لدى الطبقة المسيطرة وتسعى لترسيخ دونية الآخرين.
لقد أشرت إلى قيمة ثورة يناير في كونها محاولة لهدم هذه "المنظومات الصغيرة" التي تشكل "المنظومة الكبرى" والاعتراف بالإنسان كقيمة بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى. لكن استدراكي بـ "واه من ولكن" يعبر عن خيبة أمل لعدم استمرار هذه القيمة وعودة "المنظومة للعمل بكفاءة نادرة". هذا يسلط الضوء على إمكانات وإخفاقات يناير كلحظة فارقة لإعادة تعريف قيمة الإنسان، والإشارة إلى التحديات التي واجهت وما زالت تواجه أي محاولة للتغيير الجذري.
وصفت عودة المنظومة بأنها "علمية جدًا" حيث يعرف كل فرد دوره بدقة، مما يمنع أي تجاوز أو مطالبة بحقوق. هذا يصور حالة من الرضوخ القسري والتنظيم المحكم الذي لا يترك مجالًا للصدفة، خاصة في "ساحات الوعي والقوة الناعمة" بما في ذلك الفنون. في هذا السياق، يصبح فيلم "المنسي" ليس مجرد عمل فني، بل ربما أداة تخدم بقاء هذه المنظومة من خلال إعادة إنتاج صور نمطية أو ترسيخ مفاهيم معينة. أيضًا، استخدام عبارة "طبيعة الكون نفسه" يوحي بنوع من الحتمية والقدرية، وكأن هذا التراتب الطبقي أمر ثابت وغير قابل للتغيير، وهو ما يخدم أيديولوجية الطبقة المسيطرة.
في الختام، تعليقي على مقطع كرم مطاوع في "المنسي" يتجاوز مجرد توصيف مشهد سينمائي ليصبح تحليلًا اجتماعيًا وسياسيًا عميقًا يكشف عن آليات السلطة والصراع الطبقي في المجتمع. تأكيدي على أن الفن يمكن أن يكون أداة لتشكيل الوعي، سواء في خدمة التغيير أو في خدمة بقاء الأنظمة القائمة، يضيف طبقة أخرى من الأهمية لفهم كيفية عمل الأنظمة وسعيها للحفاظ على نفسها.