لغة الأحاسيس الصامتة: حين ينطق الجسد بما عجزت عنه الكلمات

 

لغة الأحاسيس الصامتة: 

حين ينطق الجسد بما عجزت عنه الكلمات

=========



مقدمة:

في بعض اللقاءات النادرة، تتلاشى حدود اللغة المعتادة، ليحل محلها حوار أعمق، حوار بالأجساد تنطق فيه الأحاسيس الصامتة بما يعجز عنه أبلغ الكلام. كان هذا اللقاء من تلك اللحظات الفارقة، حيث شعرتُ وكأنني أرى وألمس كلماتًا لم تُنطق، وأدرك مشاعرًا تجاوزت حدود التعبير اللفظي.

المحور الأول: العاشقة الصامتة.. سيمفونية الإحساس في لحظة راحة:

في صمتها، كانت العاشقة تتحدث بلغة أخرى، لغة الإحساس التي تجلت بوضوح في لحظة تذوقها للراحة الهادئة، تلك التي غمرتها بحنان رقيق افتقدته لسنوات طويلة. لم يكن مجرد حنان عابر، بل كان لمسة إنسانية خالصة، تلامس أنوثتها بعذوبة دون أدنى خدش لحيائها، بل يزيدها إنسانية ورقة. همس هذا الحنان في أذنيها بأن هناك من طالما تمنت أن يعاملها بإحساسها العميق، أن يفهم احتياجاتها البسيطة الظاهرة لكنها جوهرية، احتياجات إنسانة قُتل بداخلها الإحساس بالأمان والطمأنينة. كانت كل أمانيها وجود شخص يلامس قلبها لا بالحب الملتهب فحسب، بل بحنان يداعب أحاسيسها برقة الطفولة، ليوقظ رقة أنثوية أعمق من مجرد رقة الجسد، ليأخذ منها ما هو أثمن من الكلمات، ليأخذها كلها في لحظة نشوة تذيبها كما يذوب السكر في الماء، لتجعل الأيام بينهما أحلى من العسل المصفى.

المحور الثاني: لمسة الأمان.. حين يترجم الحنان الأمنيات إلى واقع:

وجاءت اللحظة التي لامست يده يدي بهدوء عذب، وبحنان طال انتظاره وافتقدته على مر سنوات العمر. لكن لمسة يده امتدت لعنقي، وشعرت بها وكأنها لمسة الأمنية التي تحققت، لمسة التمني الذي تجسد واقعًا. كان وقعها عليّ بمثابة سؤال صامت: هل ابتسم الزمان أخيرًا ولو للحظة ليحقق بعضًا من أحلامي البسيطة البريئة؟

في تلك اللمسة، شعرت بأنها يد كل من تمنيت يومًا أن تربت على كتفي، يد تجمع كل لحظة ضاعت في الماضي بدون حنان، لمسة جاءت لتعوض كل الحرمان. لم تكن مجرد لمسة جسدية، بل كانت جزءًا بسيطًا منه يقول لي بصمت: أنتِ على حق. لستُ حبيبًا لكِ فحسب، بل أنا الماضي بكل ما فيه من حرمان، الماضي الذي دون أن أشعر بلمسات بسيطة يتم ترميم جراحه القديمة. وأنا الحاضر الذي يبث الطمأنينة في روحي المضطربة. وأنا المستقبل الذي أتمنى أن أعيش فيه بأمان وسلام.

المحور الثالث: اعتراف متبادل.. حين تتلاقى الأرواح في صمت الأحاسيس:

لا أعلم أأشكرك على هذا اليوم الذي منحني هذه اللحظات الاستثنائية، أم أشكرك على قدرتكِ على تحويل كلماتي إلى أحاسيس حية تنطلق من يدكِ وعينيكِ؟ أم أشكركِ على أنكِ أكدتِ لي أنني إنسان طبيعي، وأن هناك من يحس مثلي وتحركه أحاسيسه بنفس العمق؟ فكم من المرات تساءلت عن طبيعة مشاعري، وكان لقاء اليوم بحق لقاء إنسانة بإنسان، لقاء الأحاسيس الخالصة.

كان لقاء اليوم بمثابة رؤية للكلمات تتجسد وتُلمس، تفسيرًا حيًا لكلمات كُتبت مني كثيرًا وكان يصعب تصديقها لغرابتها وعمقها. وجاء هذا اللقاء ليُجسد كل كلمة قيلت سابقًا في عبارتين بسيطتين لكنهما تحملان عالمًا من المعاني:

  1. أنا الماضي والحاضر والمستقبل بالنسبة لكِ.
  2. إنكِ تحبينني حبًا أكبر من حب الناس العادية، لأنكِ ترين فيّ ما هو أسمى وأكبر من مجرد الحب.

فالشكر أولًا وأخيرًا لله الذي ساق هذا اللقاء، ثم الشكر لكِ على هذا العمق الإنساني الذي لمسته في كلماتكِ وأحاسيسكِ.

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

مولانا تصميم ahmad fathi © 2014

يتم التشغيل بواسطة Blogger.