"في العديد من المجتمعات ذات الأغلبية الذكورية، تظهر مظاهر متعددة للنفاق المجتمعي، حيث يتم التمسح بالدين والأخلاق الحميدة في العلن، بينما يمارس البعض في الخفاء سلوكيات تتنافى مع هذه القيم المعلنة. هذا الازدواج في الشخصية يؤدي إلى تآكل الثقة في المجتمع ويخلق بيئة من الرياء وعدم المصداقية. وتميل هذه المجتمعات بشكل عام إلى إعطاء الذكور امتيازات واضحة في مختلف جوانب الحياة، بدءًا من فرص التعليم والعمل وصولًا إلى المشاركة السياسية واتخاذ القرارات الهامة. في المقابل، غالبًا ما تُحرم الأنثى من حقوقها الطبيعية والإنسانية الأساسية، مثل الحق في حرية التعبير، وحرية الحركة، والمساواة أمام القانون، والتحكم في جسدها ومصيرها.
وتتجلى الازدواجية في المعايير السلوكية بشكل صارخ في هذه المجتمعات؛ فالسلوك الذي يُنظر إليه على أنه "بطولي" أو "رجولي" عندما يمارسه الذكر، قد يُوصم بأقذع النعوت ويُعتبر "فجورًا" أو "انحلالًا" إذا قامت به الأنثى. هذا التمييز الجائر يعكس نظامًا أبويًا متجذرًا يسعى إلى الحفاظ على سلطة الذكور وهيمنتهم. ويبدو أن العديد من الذكور في هذه المجتمعات يعانون من كبت داخلي عميق، ربما يكون ناتجًا عن الضغوط الاجتماعية الهائلة التي تُفرض عليهم للالتزام بأدوار نمطية جامدة ومحددة للذكورة. هذا الكبت قد يتفجر في صورة ممارسة السلطة والعنف والسيطرة على الأنثى كنوع من التعويض عن الشعور بالعجز أو الهزيمة الداخلية.
وقد تبدو هذه المجتمعات في كثير من الأحيان شكلية وسطحية في تعاملاتها وقيمها، حيث يتم التركيز بشكل مفرط على المظاهر الخارجية للسلطة والاحترام والتقاليد، بغض النظر عن الجوهر الحقيقي للعلاقات الإنسانية القائمة على الاحترام المتبادل والعدالة. كما يُلاحظ ميل واضح نحو "عشق الكلام الفارغ" والخطابات الرنانة التي لا يتبعها فعل حقيقي أو التزام بالمسؤولية. هناك تفضيل للثرثرة والجدال العقيم على العمل الجاد وتحمل تبعات القرارات. وفي بعض الأحيان، يظهر التدين بشكل سطحي أو مغالى فيه أمام الأنثى التي تحت الرعاية أو في المحيط العام، كما لو كان أداة للسيطرة الاجتماعية أو وسيلة لإظهار التفوق الأخلاقي الزائف.
الذكورية: هي مفهوم شامل يُطلق على مجموعة متداخلة من السلوكيات والأفكار والمعتقدات والقوانين والتفسيرات الثقافية التي تهدف في جوهرها إلى ترسيخ سيطرة الذكور وهيمنتهم على الإناث في مختلف جوانب المجتمع.
المجتمع الذكورى والآثار الكارثية المترتبة عليه:
- تفشي النفاق المجتمعي: كنتيجة للازدواجية في المعايير والقيم المعلنة والممارسات الفعلية.
- قتل الحرية بكل أشكالها: من خلال تقييد حركة النساء وخياراتهن وفرض قيود على تعبيرهن.
- انحدار الأخلاق تدريجيًا حتى الاختفاء: بسبب تآكل العدالة والمساواة والاحترام المتبادل.
- ظهور تجار كل القيم، وخاصة الدين: حيث يتم استغلال المعتقدات الدينية لتبرير عدم المساواة والتمييز.
- ظهور ما يسمى بالمجتمع النسوي، ومنه تمكين المرأة الذي يهدف إلى تحقيق المساواة في الحقوق والفرص: كحركة مقاومة طبيعية للظلم والاضطهاد.
النسوية:
هي طيف واسع ومتنوع من النظريات الاجتماعية، والحركات السياسية المنظمة، والفلسفات الأخلاقية المعاصرة، التي تتحد في دافعها الأساسي المتعلق بقضايا المرأة والسعي لتحقيق المساواة بين الجنسين. يتفق النسويون والنسويات على أن الهدف النهائي هو القضاء على جميع أشكال القهر والتمييز والظلم التي تستند إلى النوع الاجتماعي، وتمكين جميع أفراد المجتمع، نساءً ورجالًا، من النمو والمشاركة الفعالة في الحياة العامة بأمان وحرية وكرامة. ومعظم النسويين والنسويات لديهم اهتمام خاص بتناول قضايا عدم المساواة السياسية والاجتماعية والاقتصادية العميقة بين النساء والرجال، ويقدم العديد منهم حججًا قوية بأن مفاهيم النوع الاجتماعي والهوية الجندرية ليست بيولوجية حتمية بل يتم تشكيلها وتحديدها بشكل كبير من خلال البنية الاجتماعية والثقافة السائدة. ومع ذلك، يختلف النسويون فيما بينهم حول الأسباب الجذرية لانعدام المساواة، والاستراتيجيات الأكثر فعالية لتحقيق العدالة، والمدى الذي يجب أن يصل إليه التشكيك في التعريفات التقليدية المبنية على أساس الجنس والنوع الاجتماعي ونقدها. ولهذا السبب، وكأي أيديولوجيا حية أو حركة سياسية واجتماعية أو فلسفة فكرية، لا توجد صيغة عالمية موحدة للنسوية تمثل جميع النسويين والنسويات بشكل كامل."