الوله يمحو من الذاكرة حدود الحروف المعتادة، ويكتبني جزءًا متناثرًا من روحي بين ثنايا الكلمات، علَّ نظرة الولهان الضائعة في بحر الشوق تجد بين طيات سطوري بعضًا مني، فنتوحد روحًا وفكرًا، ونلتقي في عالم من المعاني الخالدة. العشق ذوبانٌ هادئ وعميق في بحر الحرف اللامتناهي، ليتذوقني معشوقي جوهرًا خالصًا، يدرك من خلال كلماتي عمق ما أُخفيه بين السطور الصامتة، وما يشتعل في داخلي من لظى الشوق. الحب نقشٌ أبدي محفور بكلماتٍ ندية كقطرات الندى المتلألئة على أوراق الزهر اليانع في صباحٍ مشرق، بنكهة فريدة لا يعرف مذاقها العميق إلا قلب حبيبي المشتاق الذي يتوق إلى وصالي. أكتب لها، أرسل كلماتي المحملة بالشوق علَّها تلامس روحها الرقيقة، فإذا ما ألقت شعاع عينٍ حنون ينظرني، يخترق حجاب البعد، تتذكر قولها الصادق الذي يسكن أعماقي: أنت هنا، ماثلاً بروحي في كلامك العذب. يظنوني أتحدث عن كيانٍ محدد، عن اسمٍ معروف، وهمٌ عبثي يسكن خيالهم! اسمها لو نطقته، لربما تراقصت الحروف طيشًا في الفضاء، وعجزت لغةُ البشر بكل مفرداتها عن حمل معناه السامي وجلاله الفريد. يحسبون ما أسطره مجرد وهمٍ عابر يسكن لحظة عابرة، وأي وهمٍ هذا يسكن أعماق روحي ويستبد بكياني؟ أنا أغوص في بعض كلماتها التي نقشت في ذاكرتي، أتيه في معانيها الساحرة لأتلمس طيفها الغائب الذي يلوح في الأفق البعيد، لعل لوعة الشوق تخبو قليلًا في هذا التيه المقدس. سألتُ عنها الرياح العابرة التي تحمل أسرار الوديان، والأطيار المهاجرة التي تعرف دروب السماء، لأطمئن قلبي الذي يعتصره القلق ويضنيه الانتظار. أنتِ الأبجدية التي أرتل بها تراتيل حنيني، الكلمات التي أرسم بها صورتكِ البهية في خيالي الخصب، المعاني العميقة التي تحتضن روحي المضطربة وتمنحها السكينة. بغيابكِ، تلاشى كل الكلام، وأصبحت لغتي صمتًا مُطبقًا يخيم على حياتي. مات النطق على شفاهي في رحيلكِ البعيد، وأصبح صوتي همسًا خافتًا لا يكاد يُسمع. أحبك حبًا يتجاوز حدود الوصف البشري، أعشقك عشقًا أتوه في مداه الشاسع الذي لا يحده زمان ولا مكان، ولهانٌ أنا، يا ليتني أملك خريطة لكنوز المشاعر لأعرف نهاية هذا الوله الذي يسكن فؤادي! ليت لروحي ألف قلب ينبض باسمكِ في كل ثانية، لأعرف كيف أحبكِ بالقدر الهائل الذي يسكن أعماقي ويستعر كالنيران المقدسة. أجاهد لأخفي لوعة شوقي إليكِ خلف ستار واهٍ من كلماتٍ عابثة لا تقصد شيئًا عميقًا، ولكني أفشل دائمًا، فإني إليكِ أشتاق شوقًا يفضحني ويُعلن عن ضعفي أمام هذا العشق الجارف. غاب قمري الساطع من سمائي، فتحول ليلي إلى سوادٍ مُطبق يخنق أنفاسي ويجعل أيامي باهتة كظلٍ عابر. بحثتُ عنكِ في كل العيون الباحثة عن دفءٍ وأمان، ولم أجدكِ، فأغمضتُ عيني المرهقة من طول الانتظار، وهناك، في أعماق روحي التي تحتفظ بطيفكِ، وجدتكِ حاضرةً بقوة لا يزعزعها البعد. التضحية في الحب ليست مجرد فعل عابر، بل هي جوهر العشق الخالص الذي يسمو بالروح ويطهرها. أسعدُ بذكركِ في خيالي الخصب الذي يزهر بصورتكِ، فكيف يكون حالي بلقاءٍ أراه مستحيلاً في عالمي الواقعي، ولكنه يبقى حلمًا يضيء عتمة أيامي؟ لا تلومي روحي الهائمة التي تتوق إليكِ إن تسللت خلسةً إلى حلمكِ الهادئ، لتطمئن عليكِ ولو للحظات عابرة تمنحني بعض السلوان. سأعلم كلماتي الصمت العميق الذي يخاطب الروح مباشرةً، لعل همسها الخفي يرن صداه في قلبكِ المرهف، هادئًا ناعمًا كنسيم الصباح الندي. كلمةٌ واحدة منكِ هي الحياة كلها بالنسبة لي، ونظرة من عينيكِ هي الكون بأكمله. ليس كل حضورٍ يعني الوجود الحقيقي للروح، فكم من حضورٍ باهت كظلٍ عابر هو عين الغياب الموجع الذي يترك فراغًا لا يملؤه شيء.
كلمات عشق مولانا الجزء التاسع والستون
http://maulanasonson.blogspot.com/
5:30 ص
احبك
,
الاحتواء
,
الاحساس
,
الانبهار
,
الانصهار
,
الروح
,
الرومانسية
,
الليله
,
الوله
,
شعاع
,
قلب
,
محسن باشا
,
مولانا
كلمات عشق مولانا الجزء التاسع والستون
=======================


الاشتراك في:
تعليقات الرسالة
(
Atom
)