الاعتلال النفسى بين الكبت والامنيات المستحيلة

الاعتلال النفسى
بين الكبت والامنيات المستحيلة
================

الاعتلال النفسي

الشخصية المعتلة نفسيًا هي باختصار أكثر الشخصيات تعقيدًا، حيث أن المعتل نفسيًا يجيد تمثيل دور إنسان عاقل، كما أن له القدرة على التأثير بالآخرين والتلاعب بأفكارهم، ويتلذذ بإلحاق الأذى بمن هم في محيطه.

وهو عذب الكلام، يعطي وعودًا كثيرة، ولا يفي منها بشيء؛ كثيرًا ما يتعهد ويعد ويخلف. هي شخصية لا يهمها إلا نفسها وملذاتها فقط.

وبعضهم يصل أحيانًا إلى أدوار قيادية في المجتمع، نظرًا لأنانيتهم المفرطة وطموحهم المحطِّم لكل القيم والعقبات والتقاليد والصداقات في سبيل الوصول لمراده.

تختلف درجة وشدة الاعتلال النفسي في الأشخاص المصابين بناءً على درجة ذكاء الشخص والبيئة والتعليم.

أسباب نشوء الشخصية المعتلة نفسيًا

في الأساس، يعتبر العلماء أن عامل الوراثة يمثل استعدادًا أوليًا، حيث تنتقل الصبغات الوراثية بالجينات من الآباء إلى الأبناء. هذا الاستعداد الوراثي يمكن أن يتفاعل مع العوامل البيئية المختلفة، مثل التعرض لصدمات في الطفولة، أساليب التربية القاسية أو المتساهلة بشكل مفرط، أو حتى الكبت المزمن للمشاعر، مما قد يُساهم في تشكيل وتطوير سمات الشخصية المعتلة نفسيًا. كما توجد نظريات تحيل الحالة أيضًا إلى خلل في الهرمونات والجهاز العصبي.

الكبت

عملية غير شعورية، تستبعد الأنا بموجبها الحفزات الغريزية، والأفكار، والصراعات، والذكريات المؤلمة، والمثيرة للقلق، والرغبات المستكرهة، من مستوى الوعي إلى مستوى اللاوعي. لأن هذه الأشياء، إذا بقيت في شعور الفرد، مثلت له تهديدًا لذاته، وأشعرته بالذنب، والألم، والتوتر؛ لأنها غير مقبولة اجتماعيًا. ولهذا تقوم الأنا بنقلها من الشعور إلى غير الشعور، وتمنعها من التعبير عن نفسها بشكل مباشر وصريح، وذلك حماية للنفس مما يؤلمها ويحقرها، وخفضًا للتوتر والقلق الذي تعانيه.

يختلف الكبت عن القمع

فالكبت عملية غير شعورية غير إرادية، بينما القمع عملية واعية إرادية، من خلالها يضبط الفرد نفسه، وينهاها عن الهوى، أو يمنع بعض مشاعره وانفعالاته غير المقبولة.

كما يختلف الكبت عن النسيان؛ 1 فالمادة التي ينساها الفرد من خلال الكبت ينكر وجودها أصلاً، ولهذا تندثر، ولا يمكنه استحضارها واستعادتها إلا بمساعدة اختصاصي تحليل نفسي أو تنويم مغناطيسي. ويعجب الفرد – في الغالب – عندما تعود في وعيه ويكتشف وجودها. أما في النسيان المعتاد، فإن نسيان المادة يرجع – في الغالب – إلى عامل الزمن (طول المدة) أو لأنها غير مهمة، أو غير جذابة للفرد، لكن يسهل استعادتها من خلال الإرادة والتركيز، أو بإعادة تعلمها.  

خصائص السلوك الصادر عن الكبت

  • الطابع الرمزي
  • الطابع القهري
  • الطابع الغريب والشاذ

أضرار الكبت

  • خداع النفس
  • انشطار الشخصية
  • العقد النفسية
  • تبديد الطاقة النفسية واستنزافها

الأمنية والحُلم

  • الأمنية: رغبة تتولد نتيجة ظرف معين، وتنتهي نتيجة انتهاء ذلك الظرف.
  • الحُلم: رغبة حقيقية من الداخل متكررة لتحقيق شيء ما، لكن من غير تجسيد أو تخطيط أو إستراتيجية واضحة لتحقيقها.

أسباب الكبت (سؤال مهم)

يُعد المجتمع بأعرافه وتقاليده البالية المتمثلة في مفاهيم مثل "العيب" و "ميصحش كده" دون أساس حقيقي، من أهم مسببات الكبت. هذه الأعراف، سواء كانت متأصلة في الأسرة من خلال أساليب التربية التي تثبط التعبير عن المشاعر، أو في الثقافة السائدة التي تركز على المظاهر الاجتماعية وتجنب الخوض في المشاعر الداخلية، تخلق بيئة تضغط على الفرد لكبت جوانب من نفسه. وحيث يبحث الإنسان عن الاحترام والقبول في عيون الآخرين، فإنه يخشى البوح بمكنون نفسه ويكبتها، مما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى نشوء شخصية معتلة نفسيًا تمارس بدورها أنماطًا سلوكية مؤذية.

أحد أهم أسباب الكبت يكمن في عدم معرفة الإنسان بنفسه ورغباته الحقيقية، بالإضافة إلى الخوف أولاً من الأهل، ثم الأصدقاء، ثم البيئة المحيطة به سواء جيران أو زملاء دراسة أو عمل. على سبيل المثال، قد يكبت الطفل مشاعر غضبه خوفًا من عقاب الأهل، أو يكبت الشاب ميوله الفنية خوفًا من سخرية الأصدقاء، مما يتراكم وينتج عنه شخص بالغ يعاني من صعوبة في التعبير عن ذاته وفهم مشاعره، وهو ما قد يساهم في ظهور اضطرابات نفسية.

أصحاب الأمنيات المستحيلة قد يتحولون داخليًا إلى شعور بالاضطهاد والظلم. هذا الإحباط المزمن يمكن أن يقودهم إلى جلد الذات والبحث عن الألم (وهو ما قد يُشار إليه بمفهوم مشابه لـ "الكربلائية" في بعض السياقات الثقافية) أو إلى تبني موقف عدائي تجاه الآخرين الذين يرونهم مسؤولين عن عدم تحقيق أمانيهم أو أوهامهم، وبالتالي قد تتطور لديهم سمات شخصية مضطربة. من المهم التأكيد هنا على أن ليس كل من يكبت مشاعره أو لديه أمنيات صعبة التحقيق سيصبح معتلًا نفسيًا، فالاعتلال النفسي هو اضطراب معقد له أبعاد متعددة.

الحل للكبت وتحقيق الأمنيات

الحل يكمن في عدة خطوات أساسية: أولها الإيمان الحقيقي بالله سبحانه وتعالى، والإيمان بالقضاء والقدر إيمانًا قلبيًا وليس إيمانًا لفظيًا فحسب، مما يوفر إطارًا روحيًا للتعامل مع تقلبات الحياة. ثم يأتي البوح بمكنون النفس بأي طريقة وكل طريقة دون النظر المفرط لرد فعل الآخرين عن هذا البوح، سواء كان ذلك من خلال التحدث مع شخص موثوق به أو الكتابة أو أي شكل آخر من أشكال التعبير. يلي ذلك العمل الجاد لمعرفة الذات وفهم الاحتياجات الحقيقية من خلال التأمل، أو كتابة اليوميات، أو طلب آراء موضوعية من الآخرين، أو حتى اللجوء إلى استشارة نفسية. تحقيق هذه الاحتياجات قدر المستطاع يعزز الشعور بالرضا والكفاءة الذاتية. من الضروري أيضًا التأكيد على أهمية طلب المساعدة من متخصصين في الصحة النفسية في حالات الكبت العميق أو ظهور علامات اضطرابات نفسية.

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

مولانا تصميم ahmad fathi © 2014

يتم التشغيل بواسطة Blogger.