المواجهة الحقيقية
=========
نافذة الإسلام في عالم مسكون بالفلسفات المادية
هل تتصور ولو للحظة أن العالم، ومن يديره سواء ظاهريًا (الرؤساء أو الحكومات) أو خفيَّةً (رجال الشركات المتعدية الجنسيات وأرباب العولمة والحداثة)، سوف يتركون نافذة ما يطل منها الإسلام العظيم؟ الإجابة: لا، وألف لا!
لأن الإسلام هدفه إخراج العباد من عبادة العباد (ضع ما شئت هنا من أصنام وآلهة عدة تُعبد الآن) إلى عبادة رب العباد وحده. الإسلام يُعلي القيم الإنسانية، ولكن كل العالم من أصحاب الفلسفات الأرضية والوضعية (مثل الفلسفة المثالية، الفلسفة البراغماتية، الفلسفة الوضعية المنطقية، الفلسفة الماركسية، الفلسفة الوجودية، الفلسفة الواقعية) والأيديولوجيات (والتي تعريفها الأكثر تكاملاً يحددها بأنها: «النسق الكلي للأفكار والمعتقدات والاتجاهات العامة الكامنة في أنماط سلوكية معينة. وهي تساعد على تفسير الأسس الأخلاقية للفعل الواقعي، وتعمل على توجيهه. وللنسق المقدرة على تبرير السلوك الشخصي، وإضفاء المشروعية على النظام القائم والدفاع عنه. فضلاً
لقد شهد العالم بالفعل نتائج هذه الفلسفات والأيديولوجيات في الحروب العالمية المدمرة، ولا يزال يعاني من آثارها في أشكال مختلفة من الظلم والاستغلال واللاإنسانية. فالحروب والصراعات التي مزقت العالم كانت في جزء كبير منها نتاج صراعات أيديولوجية وفلسفات متضاربة.
الإسلام يقف بوضوح ضد هذه الحضارة المادية التي تسعى لسحق الإنسان. وكما ورد في الحديث الشريف عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة، ويقول: ما أطيبك، وأطيب ريحك! ما أعظمك، وأعظم حرمتك! والذي نفس محمد بيده، لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك، ماله، ودمه". أخرجه ابن ماجه.
لذلك، فمن الضروري أن ندرك موقعنا الحقيقي في هذا العالم، وأن نفهم طبيعة التحديات التي تواجهنا، حتى نستطيع أن نحدد كيفية المواجهة الحقيقية والفعالة. إن الوعي بهذه الحقائق هو الخطوة الأولى نحو صياغة استراتيجيات ناجحة للحفاظ على هويتنا وقيمنا الإسلامية في وجه هذه التيارات الجارفة. تتطلب هذه المواجهة العمل على عدة مستويات، منها:
- تعزيز الفهم العميق للإسلام: من خلال دراسة القرآن والسنة النبوية بفهم واعٍ وعصري.
- نشر قيم الإسلام الإيجابية: التركيز على العدل، الرحمة، التكافل، والسلام التي يدعو إليها الإسلام.
- بناء نماذج إسلامية ناجحة: في مختلف جوانب الحياة لتكون قدوة حسنة للآخرين.
- التفاعل الإيجابي مع العالم: من خلال الحوار البناء والمشاركة الفعالة في القضايا الإنسانية المشتركة.
- تحصين الأجيال القادمة: من خلال التربية الإسلامية الصحيحة وتوعيتهم بمخاطر الفلسفات المادية.
إن المعركة هي معركة وعي وقيم، ولا يمكن الانتصار فيها إلا من خلال فهم عميق لقيمنا والعمل الجاد لنشرها والدفاع عنها.