ادارة التوحش
عن فيلم من ضهر رجل
===========
لكننى اراه فيلم منتهى الصعوبة وعصى على الولوج للفكرة التى نثرها المؤلف طوال الفيلم مستخدما طريقة الفلاش باك فى السرد السينمائى وكان معه مخرج يعرف قيمة الصورة فكان امينا للفكرة وكيفية ترسيخها مع البعد عن الفجاجة فى المباشرة وايضا الاسقاطات الهادئة حتى يصل الى هدفه
فنحن سنرى امام زاوية فى حارة وهو بلطجى سابق له ابن يلعب ملاكمة ويعمل اعمال هامشية ويحب فتاة اخوها بلطجى ويفرض الاتاوات على تجار المخدرات واخرين وعلى الجانب الاخر هناك ابن مدرب الملاكمة الذى يحاول ان يجد له مكان مميز فاتجه الى القراءة فى الدين وادعاء التدين وهو ما اطلق انا عليه التدين المغشوش لانه له ظاهر فقط دون قطف ثمرة الدين ذاته وهى مكارم الاخلاق
من وراء هؤلاء جميعا نجد اصحاب الياقات البيضاء الذين يديروا التوحش فى الحارة لاهداف عديدة منها الحصول على المال الحرام المحصلة من الاتاوات وايضا السيطرة على الحارة من خلال الصراعات التى بين الكل على الفتات التى يتركها لهم
الفكرة ببساطة ان الرجل المنوط به اقرار النظام والعدل ومحاربة الفساد هو من يدير الفوضى والبلطجة حتى ينعم هو ومن معه فى الطبقات العليا بنعيم الهدوء والتمتع بمباهج الحياة دون مزاحمة من اهالى الحارة
وفى قراءة اخرى للفكرة هى ان التدين الشكلى او الظاهرى او المغشوش هو نوع من البلطجة ولكن تحت ستار الدين لاننا وجدنا مدعى التدين يقوم بالتصنت على غريمه فى حب الفتاة ثم يقوم باسماع التصنت الى البلطجى حتى يقوم بالفتك بهذا الحب ناسيا ان التجسس على الاخرين حرام
قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم )
وان الفتنة حرام ولكن لانه لا يريد من التدين الحلال والحرام
يقول الله تعالى
(واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين ( 191 ) فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم ( 192 ) وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين) ( 193 )
انما يريد التميز عن الاخرين وفقط لذا نجد انه يخطا فى رفع الاذان ويعامل والده بمنتهى السوء مملؤة بالحقد والغل وهو نوع من الشرك بالله (يقول ربنا تبارك وتعالى في سورة الإسراء: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء:23-24]. )
وذروة اعماله الدنيئة انه قام بقتل غريمه فى النهاية كتتويج لاحقاده
يقول الله تعالى
مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا
قراءة اخيرة للفيلم
من خلال معاون المباحث عندما اراد تاجيج الصراع بين البلطجى الاصلى الذى هو المرشد له وبين لاعب الملاكمة الذى تم السيطرة عليه باساليب منتهى الدناءة من خلال من يكون المعلم على الاخر فيقول له
علشان اى حد يبقى الريس لازم انا اوافق وهى جملة لها معانى خطيرة خاصة اذا تم وضعها مع الجملة الافتتاحية للفيلم التى كتبت على الشاشة فى البداية وهى ان الفيلم ليست مرتبطة بفترة زمنية محددة وهى اشارة انه يقصد فترة محددة بعينها لمن يلتقط الاشارات
فيلم من ضهر راجل فيلم سينمائى من الدرجة الاولى لانه به فكر وترجمة للفكر الى صورة حيوية من خلال كافة العناصر البشرية والمادية
فالكاتب محمد امين راضى عاشق لفكرته وكتبها بطريقة تسمح له بوضع كافة عناصرها من خلال حوارات شديدة التكثيف ولا تتعارض مع اى احد ومعه مخرج كريم السبكى عاشق للسينما ومدرك قيمة الصورة فاخراجه كان مميز وخاصة اختيار اماكن التصوير ومن خلال كادرات مركبة للايحاء بما يريد
ابطال الفيلم
من اول اسر ياسين الذى كان مبدع فى الاداء حيث الشخص الذى يحاول ان يكون جيد ولكن كل الظروف تجبره على الشر فكان على قدر المسئولية من خلال التكوين الجسمانى والاداء الحركى والتلون الصوتى
ياسمين رئيس كانت ابنة حارة حقيقية سواء على مستوى الملابس او طريقة المشى او النطق والتعبير من خلال لغة الجسد وهى تختلف كليا عن فتاة الحارة فى فيلم فتاة المصنع فى ادائها
محمد حسن رمزى كان بطل فى الفيلم لانه محرك للاحداث وكان جيد جدا
ولاننسى محمود حميدة وسطوته على الكادر من خلال اداء متمكن حقيقى
صبرى فواز كان جيد ولكن مساحة الدور كانت مفروض تكون اكثر والحوار يكون اعمق لانه البطل الخفى لكل الاحداث
واخيرا كانت موسيقى عمرو اسماعيل رائعة للغاية ومعبرة عن الحدث لانها كانت مختلفة عن السائد
فيلم من ضهر راجل يحتاج الى المشاهدة مرة واثنان حتى تلتقط الاشارات الهامة التى ارسلها صناع الفيلم لمن يريد ان يفهم
ملحوظة
عبارة للكبار فقط على الفيلم ليس لها معنى حيث الفيلم لا يوجد ما يخدش الحياء على المستوى البصرى او اللفظى نهائى