الوهم

الوهم
=======

الوهم: تشويه الحقيقة

في محاولة للتثقيف عن الوهم، نجد أن الأوهام تُشوه الحقيقة. هذا كلام علمي، ونظرًا لأن المحمية الطبيعية لا تعرف العلم، فإن الأوهام عندنا تُنكر الحقيقة بالمرة ولا تعترف بها. قد يتعدى الوهم الحواس الخمس، ليصبح حالة نفسية يذهب الإنسان عن طريقها إلى تخيل مواقف وأحداث غير موجودة في الواقع.

لقد عرّف نيتشه الوهم بأنّه كل ما أنتجه الإنسان من معارفٍ ناتجة عن رغبته اللاشعورية في البقاء، بحيث تُقدم له الأوهام على أنّها حقائق، ويكون مصدرها الفكر، ويلجأ إلى الكذب لإخفاء الحقيقة تحت غلاف المنطق. ويرى نيتشه أنّ التخلص من الأوهام أمر صعب، ولكنه من جهة أخرى يرى أنّها قد تكون نافعة، ويمكن التعايش معها في بعض الأوقات.

أسباب الوهم

تتعدد أسباب الوهم وتشمل:

  • محدودية الحواس: حواسنا لها قدرات قليلة ومحدودة، يؤثر عليها البعد المكاني، وتتشابه فيها المظاهر السمعية والبصرية، مما يُرينا الواقع بشكل مشوه.

  • دور النفس: هي أكبر سبب للوهم، فهي تستخدمه كأداة لتحافظ على بقائها، والوهم يُرينا فقط العالم كما نرغب أن نراه.

  • الفكر: يحفظ لنا الذكريات والصور ويجمدها للحظات معينة، ويحبس حقيقة ما في سجن العقيدة. وأكبر وهم هو أن يعتقد الإنسان أنه يعرف كل شيء.

الوهم، لغةً، هو الظن الفاسد والخداع الحسي، وكل ما هو غير مطابق للواقع. وتعريفًا، هو إدراك الواقع على غير ما هو عليه. إن كان الحُكم جازمًا لا يقبل التغيير فهو العِلم. وإن قبله فهو الاعتقاد. وإن لم يكن الحُكم جازمًا فإما أن يتساوى طرفاهُ فهو الشك، وإما أن يرجح أحدهما فالراجح هو الظن، والمرجوح هو الوهم.

وقد تساهم اللغة في الوهم أيَّما مساهمة بتشويهها الواقع من خلال إعطائها معلومات ناقصة أو خاطئة. فكما ترى العين في بعض الأحيان الواقع على غير ما هو عليه، كذلك تُصوِّر اللغة الواقع على غير حقيقته. وفي كثير من الأحيان يأتي الخطأ والوهم من قصور لغوي (من خلال عدم قدرة مرسل الرسالة على التعبير، أو عدم قدرة متلقِّي هذه الرسالة على الفهم، أو عجز اللغة نفسِها عن التعبير).

أقسام الوهم

ينقسم الوهم إلى خمسة أقسام وهي: وهم التخيل، وهم التنبؤ، وهم الإحساس، وهم المرض، وهم العظمة. الوهم هو ظن الشيء وتمثله وتخيله، سواء كان موجودًا في الوجود أم لم يكن.

يقول الله تعالى: {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28)} [سورة النجم].

صاحب هذا النوع من المرض يعيش معذبًا في ليله ونهاره. ففي نهاره يكثر انتقاده واتهامه بالكذب، وأحاسيسه المُغرقة في أطلال الوهم التي تُوحي له دائمًا بأنه إنسان منبوذ. أما ليله فلا يخلو من القلق والأرق وقلة الراحة، والمنامات المزعجة والكوابيس إلى آخره.

الوهم والصحة النفسية

لا يقتصر تأثير الوهم على إدراكنا للعالم الخارجي فحسب، بل يمتد ليشمل صحتنا النفسية والعقلية. فالعيش في أوهام مستمرة، سواء كانت تتعلق بالاضطهاد، العظمة، أو حتى تصورات غير واقعية عن العلاقات، يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات نفسية مثل البارانويا، الفصام، أو حتى الاكتئاب المزمن. من المهم جدًا التمييز بين الخيال الإبداعي والأوهام التي تُبعد الفرد عن الواقع وتُعيق تفاعله السليم مع مجتمعه.

كيفية محاربة الوهم؟

للتخلص من الوهم الذي يسبب كل المشاكل السابقة، يكون أولًا وقبل كل شيء بخلق الأعذار للناس بالإضافة إلى إحسان الظن بهم جميعًا. فحسن الظن بالناس يعمل على تحسين العلاقات بين الشخص وبين الآخرين، إضافة إلى أنه يعمل على زيادة التواصل بين بعضهم البعض.

كما أن لزيادة الثقة بالنفس أثر كبير في عملية تطوير النفس الإنسانية، وتطوير النفس الإنسانية يشمل إزالة الأوهام منها.

إضافة إلى ما سبق، فإن لإعطاء الأمور أحجامها الطبيعية أثر كبير جدًا في إزالة الأوهام من الناس ومن نفوسهم.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [سورة الحجرات].

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

مولانا تصميم ahmad fathi © 2014

يتم التشغيل بواسطة Blogger.