كيف تصنع ارهابى Rendition

كيف تصنع ارهابى
=============

تحليل فيلم "Rendition" (ترحيل استثنائي) 2007: صوت ضد الظلم

شاهدت فيلم "Rendition" إنتاج 2007، والذي يُعرف عربيًا باسم "ترحيل استثنائي". يتناول الفيلم قضية "الترحيل الاستثنائي"، وهي صلاحية ممنوحة للحكومة الأمريكية لترحيل أي شخص يشتبه في تورطه بالإرهاب إلى سجون سرية خارج الولايات المتحدة. الجوهر هنا يكمن في كلمة "استثنائي"؛ فهذا الترحيل يتجاوز الإجراءات القانونية العادية وحقوق المتهمين، مما يجعله مثار جدل وإدانة.

يبدأ الفيلم بحادث إرهابي مروع في مدينة تونسية، يسفر عن مقتل رجل مخابرات أمريكي. في التوقيت نفسه، يعود المهندس الكيميائي المصري أنور الإبراهيمي، الذي يعيش في أمريكا منذ عشرين عامًا، من مؤتمر علمي بجنوب إفريقيا. يتم القبض عليه فور وصوله ويُرسل إلى تونس، وتحديدًا إلى سجن سري قد لا يعرف عنه سكان البلد أنفسهم شيئًا سوى القائمين عليه.

هنا تبدأ "حفلات التعذيب العربية"، التي ربما يخجل الشيطان منها. تحت وطأتها الرهيبة، يعترف أنور بأنه ساعد الإرهابي في زيادة شدة التفجير للقنابل، ويُملي أسماء مساعدين. المثير للصدمة أن البحث عن تلك الأسماء يكشف أنها تخص الفريق القومي لكرة القدم المصري لعام 1990.

بعد ذلك، يظهر رجل المخابرات الأمريكي الذي تولى العمل بعد القتيل. يُبرز الفيلم هنا جانبًا من "الأخلاق الأمريكية" المدافعة عن حقوق الإنسان من خلال شخصية هذا العميل، الذي يتوجه إلى وزير الداخلية التونسي ويستخرج أمر إفراج، ثم يتصل بالصحافة لنشر هذه الفضيحة. يُظهر الفيلم بوضوح تعسف التفسير من قبل المتشددين، وأيضًا تعسف التخمين من قبل رجال المخابرات الأمريكية.

ما الجديد في كل ما سردت؟ الإجابة تكمن في أحد حوارات رجال مجلس الشيوخ الأمريكي مع مساعده المتعاطف مع أنور الإبراهيمي. يقول عضو مجلس الشيوخ: "ما تقوله قد يكون صحيحًا في أماكن أخرى، أما هنا فيصرخون في وجهك عن الأمن القومي وسيطلقون علينا أحباء بن لادن." هذا الاقتباس يعكس بوضوح كيف يمكن استخدام الخوف من وصم أي معارض لسياسات الأمن القومي بأنه متعاطف مع الإرهاب، لإسكات الأصوات المطالبة بالحقوق.


ملاحظات حول تصوير الفيلم الفني والرسائل الضمنية

يُلاحظ أن الفيلم يمارس تشويهًا متعمدًا لتونس الخضراء، حيث صُورت أزقتها وحواريها المتسخة وغير المنظمة وعربات تجرها الحمير. على النقيض تمامًا، تُصور الجوانب الأمريكية بكل فخامة ورقي، مما يخلق تباينًا حادًا يدعم رسالة الفيلم الضمنية.

تعد الموسيقى أحد الأدوات الرائعة في الفيلم، حيث استُخدم الناي في أكثر من موضع، خاصةً في لحظات الشجن، بالإضافة إلى آلة الكولة. هذه اللمسات الموسيقية أضافت عمقًا عاطفيًا للمشاهد.

تجدر الإشارة إلى أن الممثل الإسرائيلي إيغال ناعور جسّد دور ضابط الأمن التونسي المشرف على التعذيب، وهو اختيار قد يحمل دلالات رمزية معينة حول العلاقات السياسية والتعاون الأمني.


خاتمة: صوت الفن ضد المظالم

ختامًا، كم من الموبقات تُمارس باسم الأمن القومي؟ وكم من الأبرياء ضاعوا في هذا الطريق، سواء بالموت أو بتحولهم إلى قنابل بشرية متحركة بسبب حفلات التعذيب، أو لمجرد الاشتباه الغبي في شخص ما بسبب جنسيته السابقة، أو انتمائه للدين الإسلامي العظيم، أو حتى بسبب انتمائه الفكري؟

يصنف الفيلم ضمن فن الأكشن، لكن فكرته واضحة جدًا. إنه يدين قانون الترحيل الاستثنائي، ويُوجه إدانة قوية لأمريكا وللدول المتعاونة معها في هذه الممارسات. هكذا هي الفنون؛ تجعلك تعبر عن معارضتك لقانون أو سياسة من خلال ساحة الوعي الكبيرة وهي وجدان المتفرج، وليس مجرد فن مسطح الفكر ينشر القبح العام.

إنه فيلم يستحق المشاهدة بعناية، لتستخرج من خلال الفن المعروض عليك الرسالة القوية التي يحملها.


صناع الفيلم:

  • كاتب السيناريو: Kelley Sane
  • بطولة:
    • عمر متولي في دور أنور الإبراهيمي، المهندس الأمريكي من أصل مصري، والذي جسد ببراعة التحول من مواطن عادي إلى ضحية للتعذيب، مانحًا الدور مصداقية وتعاطفًا كبيرًا.
    • Reese Witherspoon في دور إيزابيللا، زوجة أنور الإبراهيمي.
    • Yigal Naor في دور رجل المخابرات العربي (عباس الفوال).
    • Jake Gyllenhaal في دور رجل السي آي إيه، الذي اضطرته الظروف للعب دور رجل المخابرات فيما هو في الأصل محلل تستعمله المخابرات الأمريكية، ويمثل صوت الضمير الذي يحاول كشف الحقيقة.
    • Meryl Streep في دور مدام ويتمان، مسؤولة العمليات الاستخباراتية في جهاز السي آي إيه، وهي التي أمرت بتوريط المهندس أنور الإبراهيمي في قضية التفجير.

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

مولانا تصميم ahmad fathi © 2014

يتم التشغيل بواسطة Blogger.