تساؤلات حول القيم: هل انهارت أم تغيرت؟
هل انهارت القيم في مصر أم تغيرت أم ماذا؟ أم أن الزمن تغير بنا وأصبح له قيمه الخاص، مهما كان رأينا فيها؟
هل ما زال الصدق قيمةً لا بد من أن نحرص عليها، أم أصبح النفاق هو العملة السائدة والرائجة الآن؟ هل ما زالت الأمانة وأخواتها من الصداقة والمحبة وما شابه ذلك من قيم كنا نحرص عليها منذ زمن ليس ببعيد موجودة؟ أم أنني أحمل بداخلي نظارة سوداء لترى ما هو قبيح ورديء فقط؟ أم أن بالفعل من يحمل هذه القيم أو يتكلم عنها ما هو إلا اجترار لشيء جميل مضى إلى حال سبيله؟
ربما سمعنا مرارًا وتكرارًا الجملة التي تقول: "اختلط الحابل بالنابل". ربما هي أصدق تعبير عما نحن فيه الآن، من اختلاط سلم القيم، فأصبح لكل منا قيمه الخاصة التي صنعها لذاته، ولا يهم إن كانت هذه القيم صحيحة للآخرين وللمجتمع أم لا.
مع أن أبسط تعريف للمجتمع أن يتنازل الفرد عن جزء من حريته الخاصة؛ حفاظًا له من تعدي حرية الآخرين عليه، وكذلك من أجل المجتمع الذي يمنحه الحرية العامة. هل تقهقرنا إلى العصر الأول للإنسان وكأننا نعيش عصر الغابة؟ هل ضاع الحق والعدل ومكارم الأخلاق؟
تأثير التكنولوجيا ودور المؤسسات
في ظل عصر التكنولوجيا المتسارع، ومع هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي، باتت القيم تتشكل وتنتشر بوتيرة غير مسبوقة. فهل ساهمت هذه المنصات في تعزيز الانفتاح والوعي، أم أدت إلى تسطيح بعض المفاهيم، وربما تغليب المظهر على الجوهر، مما أثر على عمق العلاقات الإنسانية؟
إن كانت القيم تتغير، فالسؤال الأهم يظل: ما هو دور المؤسسات الأساسية – كالأسرة، والمدرسة، والمؤسسات الدينية – في غرس القيم الأصيلة؟ وهل تقوم هذه المؤسسات بواجبها في توجيه البوصلة الأخلاقية للأجيال الجديدة، أم أنها تواجه تحديات تفوق قدرتها بمفردها؟
القيم لا تموت، بل تتغير أشكالها
على الرغم من كل التحديات، فإن القيم الإنسانية الأساسية كالعدل، والحب، والسعي للخير، لم تزل جذورها عميقة في فطرة البشر. ربما تتغير أشكال التعبير عنها، أو تتأثر بالمصالح الآنية، لكنها تظل مرجعية أساسية تسعى إليها الأرواح، وتحتاجها المجتمعات لتستقيم. لعل هذا التساؤل العميق ليس مجرد إقرار بواقع، بل هو دعوة لنا جميعًا، كأفراد ومجتمعات، لأن نتوقف ونتأمل: كيف يمكننا أن نكون جزءًا من الحل؟ وكيف يمكن لكل منا، في دائرته الصغيرة، أن يسهم في إعادة إعلاء قيم الصدق، والأمانة، والمحبة، والعدل، لتكون منارات تضيء طريق الأجيال القادمة؟
قصة مثل: اختلط الحابل بالنابل
يُضرب هذا المثل عندما تتعقد الأمور ويتيه صاحبها في دوامة الحيرة. ومنهم من قال إن أصل هذا المثل هو أن الراعي بعد موسم عشار الماعز، يُعرِّب القطيع فيجعل "المعاشير" (وهي الماعز غزيرة اللبن) على حدة، وغير المعاشير على حدة؛ وذلك ليبيع غير المعاشير على حدة ويحتفظ بالمعاشير لتُدرّ عليه أرباحًا وافرة. وتسمى المعاشير "حابل"، وغير المعاشير "نابل".
مفهوم المجتمع
المجتمع هو عبارة عن مجموعة من الناس تشكل نظامًا شبه مغلق، وتشكل شبكة العلاقات بين الناس. المعنى العادي للمجتمع يشير إلى مجموعة من الناس تعيش سويًا في شكل منظّم، وضمن جماعة منظمة. والمجتمعات أساس ترتكز عليه دراسة علوم الاجتماعيات. وهو مجموعة من الأفراد تعيش في موقع معين، تترابط فيما بينها بعلاقات ثقافية واجتماعية، يسعى كل واحد منهم لتحقيق المصالح والاحتياجات. وإلى حد ما هو متعاون، فمن الممكن أن يُتيح المجتمع لأعضائه الاستفادة بطرق قد لا تكون ممكنة على مستوى الأفراد. وكلا الفوائد، سواء منها الاجتماعية والفردية، قد تكون مميزة، وفي بعض الحالات قد تمتد لتغطي جزءًا كبيرًا من المجتمع.
تقابل كلمة مجتمع في الإنجليزية كلمة society التي تحمل معاني التعايش السلمي بين الأفراد، بين الفرد والآخرين. والمهم في المجتمع أن أفراده يتشاركون همومًا أو اهتمامات مشتركة تعمل على تطوير ثقافة ووعي مشترك يطبع المجتمع وأفراده بصفات مشتركة تشكل شخصية هذا المجتمع وهويته.
محسن باشا 17/9/2007