الأشرار... قطعة أساسية في لعبة الحياة؟

 

  • الأشرار... قطعة أساسية في لعبة الحياة؟
  • =============



  • هل وجود الأشرار ضروري لحياتنا؟ إجابة صادمة!
    "هل تعلم أن وجود الأشرار في الحياة قد يحمل في طياته حكمة أعمق؟
    ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2)﴾ [سورة العنكبوت].
    لعل في هذه الآية تذكرة لنا بأهمية الابتلاء والتمحيص في اختبار الإيمان. فلنتفكر قليلًا بدلًا من كثرة الشكوى، ولنحمد الله على كل حال. وفي هذا الوجود المتناقض، يمثل الأشرار نوعًا من الابتلاء الإلهي، محكًا حقيقيًا لإيمان المؤمن، وصقلًا لروحه في مواجهة التحديات. إنه اختبار للصبر والثبات على الحق، ودعوة دائمة للرجوع إلى الله والاستعانة به.
    لقد ذكرت سابقًا أن الكراهية قد تكون محفزًا قويًا للانفعالات البشرية. واليوم، نتأمل في أن وجود الأشرار قد يكون سببًا غير مباشر للتقدم في الحياة على مختلف الأصعدة. فهم، ببراعتهم في الشر، قد يدفعون الأخيار إلى الإبداع في وسائل مقاومة شرورهم، والخروج من حالة الرضا الزائف أو وهم الحياة المثالية حيث قد يغفلون عن التحديات الحقيقية.
    وفي قوله تعالى: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ [سورة البلد]، يظهر المعنى العميق للأمانة التي حملها الإنسان، وهي القدرة على الاختيار بين طريق الخير والشر. فوجود الشر يبرز قيمة هذا الاختيار ومسؤوليتنا عنه. وقد تتعدد دوافع الأشرار بين ضعف النفس وإغواء الشيطان، لكن وجودهم في نهاية المطاف يمثل جزءًا من امتحان أكبر لقدرة الإنسان على التمييز بين الحق والباطل. وغالبًا ما يتسلل الشر إلى حياتنا بخطوات خفية، مستدرجًا النفس شيئًا فشيئًا حتى يوقعها في براثنه. لذا، فالحذر والتيقظ الدائم ضروريان لتجنب الوقوع في حبائله.
    فإذا ترك الأخيار بدون تحدي من الأشرار، فقد يستكينون في تصورات مثالية قد تبعدهم عن الواقع. وكما قال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ﴾ [سورة الجاثية]، فإن اتباع الهوى قد يقود إلى الضلال. لكن الأشرار، بمخالفتهم للفطرة السليمة، قد يضعون صاحب الهوى أمام مرآة الواقع. وهنا يأتي دور أصحاب التقوى لتوجيههم وتوجيه العامة نحو الصلاح والإصلاح، وإلا فقد يتكلس المجتمع ويصبح بعيدًا عن جوهر الدين. إن مسؤولية الأخيار لا تقتصر على درء الشرور فحسب، بل تمتد لتشمل بناء حصون من الخير والقيم في المجتمع، تنير دروب الحائرين وتحمي ضعاف النفوس من الانجراف نحو الظلام. ولا تقتصر مسؤولية مواجهة الشر على الأفراد فحسب، بل يقع عبء كبير على المجتمع ومؤسساته في تنشئة أجيال محصنة بالوعي والقيم، قادرة على التمييز بين الحق والباطل ومقاومة الإغراءات.
    ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)﴾ [سورة الأنفال].
    فلنتدبر في معنى 'ما استطعتم' و 'قوة'، إنها دعوة للأخيار للابتكار وتطوير الوسائل لمواجهة إبداع الأشرار في الشر. لا يكفي مجرد الإيمان القلبي، بل هناك دور فعال ومستمر في مجاهدة الشر وأصحابه. فالأمر ليس عبثًا. وفي معركة الخير والشر، يمثل الأشرار الظلام الذي يسعى لابتلاع النور، بينما يمثل الأخيار الشموع التي تضيء الدروب وتهدي الضالين. وفي مقابل إبداع الأشرار في نشر فسادهم، يبرز دور الأخيار في إبداع الخير وتقديم نماذج عملية تحتذي بها النفوس التائقة للرشاد. إن معركة الإنسان مع الشر ليست مجرد دفاع، بل هي فرصة للنمو الروحي والارتقاء بالنفس، فكلما قاوم المرء نزعات الشر، قويت صلته بالله وازداد يقينه. وفي سعيه لمقاومة الشر، يسير المؤمن بين الخوف من عاقبته والرجاء في رحمة الله وعفوه، مستمدًا القوة من هذا التوازن الروحي. ويمكن للفن والإبداع أن يكونا سلاحًا فعالًا في معركة الخير، قادرين على تجميل الحق وكشف الباطل بطرق مؤثرة وجذابة. إن طبيعة الصراع بين الخير والشر ديناميكية ومتغيرة، تتطلب من المؤمن يقظة مستمرة وتحديثًا دائمًا لأساليب مواجهته.
    ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴾ [سورة الروم].
    هذه الآية الكريمة تؤكد أن الفساد هو جزء من اختبار الحياة، يمتحن إيمان المؤمنين. فالإيمان ليس مجرد أقوال أو شعائر سطحية، بل هو اختيار حقيقي يواجهه الإنسان في لحظات الابتلاء التي يخلقها إبداع الأشرار في الشر، ليتبين المؤمن الصادق من المتهاون. إن ظهور الفساد في الأرض ليس قدرًا محتومًا، بل هو نتيجة محتملة لتلك الحرية العظيمة التي وهبها الله للإنسان، حرية الاختيار بين النور والظلام. ومن هنا، تتجلى أهمية الوعي بمخططات الأشرار وأساليبهم كخطوة أولى لمواجهتهم بفعالية.
    صباح الفكر والتفكر والتدبر. قد يتجلى الأشرار في إبداعهم للشر بطرق تجعل الشيطان نفسه يتعلم أساليب جديدة لتغليف الشر بالباطل ليضلل ضعاف النفوس، أولئك الذين قد تنبهر عقولهم الضعيفة ببريق الأداء الزائف.
    صباح الإبداع المبهر، ولنتذكر دائمًا مسؤوليتنا في مواجهة هذا الإبداع بالخير والحق."
    كل التفاعلات
  • التعليقات
    0 التعليقات

    ليست هناك تعليقات :

    إرسال تعليق

    مولانا تصميم ahmad fathi © 2014

    يتم التشغيل بواسطة Blogger.