عدسة الإعلام وقيمة الإنسان: لماذا يختلف اهتمامنا بالأزمات؟
=========================
العالم وسحب الحياة: عدسة الإعلام وقيمة الإنسان بين الأوبئة والصراعات
يثير تعامل العالم مع الأزمات المختلفة تساؤلات عميقة حول قيمة حياة الإنسان وأولوياتنا الجماعية. فبينما يستنفر العالم لمواجهة وباء عالمي، قد يتضاءل الاهتمام بكوارث إنسانية أخرى تزهق أرواحًا بالآلاف يوميًا. هل هناك معايير خفية تحدد أي حياة تستحق الإنقاذ وأيها تُترك لمصيرها؟
﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [الأعراف: 34]. هذه الآية تذكرنا بالقدر، لكنها لا تعفينا من مسؤولية التفكير في دورنا في عالم مليء بالظلم والصراعات.
إن تاريخ البشرية مليء بمشاهد التدمير الذاتي، من حروب عالمية إلى تطهير عرقي وعنصرية مقيتة. أرقام الضحايا في هذه الصراعات تفوق بكثير ما شهدناه في فترات زمنية مماثلة من الأوبئة. فلماذا إذن هذا التركيز الهائل على وباء كورونا، وما تبعه من إجراءات عالمية غير مسبوقة، بينما قد يمر يوم دون أن نتوقف طويلًا أمام مأساة مستمرة في مكان آخر؟
جزء من الإجابة قد يكمن في دور الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. في عصرنا الحالي، تلعب هذه الأدوات دورًا محوريًا في تشكيل الرأي العام وتوجيه الانتباه. غالبًا ما يتم تسليط الضوء بشكل مكثف على أزمة معينة، مما يخلق حالة من الوعي والقلق العام على نطاق واسع. في حالة كورونا، كان التغطية الإعلامية شاملة وفورية، مما ضخم من الشعور بالخطر والإلحاح.
في المقابل، قد لا تحظى الصراعات الإقليمية أو الكوارث الإنسانية الأخرى بنفس القدر من التغطية المستمرة والمؤثرة، خاصة إذا كانت بعيدة عن مراكز النفوذ العالمي أو لا تخدم أجندات معينة. خذ على سبيل المثال الحرب في اليمن، التي تسببت في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، مع ملايين الأشخاص الذين يواجهون خطر المجاعة والأمراض، لكن التغطية الإعلامية لهذه الكارثة غالبًا ما تكون محدودة مقارنة بأزمات أخرى. مثال آخر هو الوضع في جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث تستمر النزاعات المسلحة في حصد الأرواح وتشريد المدنيين، لكن الاهتمام العالمي بها يبقى أقل بكثير.
هنا يبرز الجانب الأخلاقي. هل قيمة حياة الإنسان تتفاوت بناءً على موقعه الجغرافي أو سبب معاناته؟ أين تكمن مسؤوليتنا الأخلاقية تجاه أولئك الذين يعانون في صمت بعيدًا عن عدسات الكاميرات؟ ألا يستحق كل إنسان نفس القدر من الاهتمام والجهد لإنقاذ حياته وتخفيف معاناته؟
إن التركيز المفرط على أزمة واحدة قد يؤدي إلى تهميش أزمات أخرى لا تقل فداحة. وبينما لا نقلل من أهمية مكافحة الأوبئة، يجب أن نسعى إلى تحقيق توازن أكبر في اهتمامنا وتعاطفنا مع جميع الأرواح المهددة.
في الختام، دعوتنا هنا ليست إلى التقليل من شأن أي أزمة، بل إلى توسيع دائرة اهتمامنا الإنساني. ربما نحتاج إلى أن نكون أكثر وعيًا بكيفية تشكيل الإعلام ل prioritiesنا، وأن نسعى بأنفسنا للبحث عن الحقائق والتعاطف مع جميع من يعانون في عالمنا، بغض النظر عن مكانهم أو سبب محنتهم. قيمة الحياة واحدة، ويجب أن ينعكس هذا في استجابتنا الجماعية للأزمات.