خطاب الوداع الأخير

 خطاب الوداع الأخير



إلى من أضاء مرحلة من حياتي بصدق مشاعره،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أكتب إليك هذه الرسالة بقلب مثقل، وعقل واعٍ وحاسم، بعد فترة طويلة من التردد والمراجعة. لست أكتب لأعاتب، ولا لأثير حزنًا قد هدأ، وإنما لأغلق بابًا كان مفتوحًا نصف فتحة، فلا هو مفتوح ولا هو مغلق. وقد بات لزامًا أن يُغلق تمامًا، احترامًا لما كان، ولمصلحتك قبل مصلحتي.


1. إقرار بالفضل وبأثر وجودك

قبل كل شيء، يجب أن تعلم أنني لا أنكر مشاعرك، ولا أتجاهل أثرها. لقد كنت نعمة في وقت ضاق فيه العالم، وكنت في مرحلة من حياتي مصدر الأمان الوحيد. كلماتك، اهتمامك، وصدقك، كانت كلها أمورًا تحمل معنى لا يُشترى ولا يُعوّض.

لقد استفدت من هذا الحب، واستندت عليه، وعشت معه الفترة الوحيدة التي شعرت فيها بطمأنينة حقيقية. وأي امرأة كانت ستتمنى مشاعر صادقة مثل تلك التي منحتني إياها. سيظل اسمك مرتبطًا في ذاكرتي بكل ما هو طيب ونبيل.


2. التغيير الذي لا يمكن الرجوع عنه

لا أخفي عليك أنني تغيرت. لكن هذا التغيير ليس تقلبًا عابرًا، ولا مزاجًا متقلبًا، بل هو تحوّل عميق فرضته أحداث أثرت في حياتي على كل المستويات: في البيت، في العمل، وفي نفسي.

"ملك" التي عرفتها وأحببتها لم تعد موجودة.
الإنسانة التي كنت أكونها اختفت تدريجيًا تحت ضغط أحداث قاسية لم أتمكن من مواجهتها أو تخفيف أثرها. أصبحت شخصًا آخر: مرهقة، بلا طاقة، عاجزة عن استقبال أو ردّ أي مشاعر—even المشاعر النبيلة التي لا تستحق أن تُترك معلقة بلا رد.

لم أعد أملك تلك القدرة على الاستماع، ولا على الشعور، ولا حتى على الاهتمام بالطريقة التي تستحقها. أصبحتُ أقرب إلى ظلّ لإنسانة كانت هنا ذات يوم، وهذا الظل لا يمكنه أن يعطيك شيئًا.

ولأنك تستحق امرأة كاملة، لا نصف حضور، ولا نصف قلب، كان استمرار العلاقة ظلماً لك قبل أن يكون إثقالاً عليّ.


3. تفسير ما بدر مني من قسوة وأذى

أعلم أن تصرفاتي الأخيرة كانت مؤذية، وأن تجاهلي وقسوتي وردودي الباردة أوجعتك كثيرًا. وأنا أعتذر بصدق عن كل كلمة أو تصرف سبب لك ألمًا.

لكن كان بيني وبين نفسي صراع لم أستطع التعبير عنه بشكل واضح. كنت أحاول أن أبعدك عني؛ ليس كرهاً، بل خوفًا عليك، ورغبة في أن تنجو من امرأة شعرت أنها لم تعد صالحة لك أو لأي علاقة.

كنت أظن أنك إذا رأيت أسوأ ما فيّ ستبتعد.
كنت أتمنى أن تغضب، أن تنفر، أن ترحل.
لكن كلما حاولتُ إظهار القبح… كنت أنت تُظهر المزيد من الحب.

وهذا أثقلني وأشعرني بذنب لا يوصف.
لأنك لا تستحق هذا النوع من المعاملة، ولا يجب أن تكون ضحية لحالة نفسية مرهقة لم تصنعها أنت.


4. قرار الرحيل الكامل والنهائي

ولأنك شخص عزيز، ولأن مصلحتك عندي أهم من أي حنين أو ذكرى، ولأنني أعلم أن بقائي في حياتك سيؤذيك أكثر مما سينفعك، فأنا أقرر الآن، وبوضوح، أن أنسحب من حياتك نهائيًا.

هذا الانسحاب ليس غضبًا، ولا هروبًا، ولا عقابًا.
هو محاولة لحماية ما تبقى من الاحترام، ولحماية قلبك الذي لم يقصر يومًا.

كنت قد بدأت الابتعاد منذ فترة طويلة، لكن عودتك الأخيرة فتحت داخلي جرحًا قديمًا وأحيت شعورًا بالعجز لا أريد أن أعيشه ولا أريدك أن تعيشه معي.

فلنُغلق ما بيننا عند حدود الذكريات الجميلة، دون محاولة لإحياء شيء انتهى داخل روحي ولم يعد قابلاً للرجوع.


5. الرجاء الأخير والإغلاق الضروري

ولكي تكون هذه النهاية نهاية فعلًا، لا مجرد هدنة، أرجو منك عدم محاولة التواصل معي بأي وسيلة بعد هذه الرسالة.
ليس تقليلًا من شأنك، ولا تنكرًا لفضلك، بل لأنه الطريق الوحيد الذي يسمح لكلينا بالبدء من جديد.

احترام هذا القرار هو آخر ما أطلبه منك… وبه تكتمل هذه الصفحة بسلام.

أستأذن معاليك…
تمشي وتتركني بسلام، كما جئت في حياتي بسلام.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

مولانا تصميم ahmad fathi © 2014

يتم التشغيل بواسطة Blogger.