📖 رجولة العطاء ولقاء الإخلاص
✍️ بقلم: محسن عباس
1. الإغاثة والواجب.. وغبار السبع سنوات
على الهاتف، بعد سبع سنوات من الغياب الموجع، اهتز الهاتف كنبضة قلب لم تتوقف. على الطرف الآخر، جاء صوت حبيبته السابقة المرتعش:
"الحقني... ماما تعبانة جدًا." لم يتردد، انطلق كأن الزمن يطالبه بالتكفير عن الغياب. في المستشفى، كانت الأم في غيبوبة مؤقتة. تمسكت به الابنة بعينين مرتجفتين:
"خائفة أعمل الحقنة لوحدي." ابتسم بصوت حازم:
"مش هسيبك قبل ما نحل كل حاجة. أنا هنا. ادخلى انتى نامى كفاية عليكى الايام اللى فاتت " عند دخوله للبيت، واجه فوضى الغبار على الأثاث، كأنها انعكاس لعلاقتهما الممزقة. خلع ملابسه الرسمية الثقيلة، فالتنظيف سيجعل ملابسه تتسخ فورًا. لذا ارتدى أولًا بلوزة حمالات رقيقة وهوت شورت أثناء تنظيف البيت، لكن بعد أن اتسخت من العمل، غيرها إلى أندر زهري وبلوزة "بناتكِ أوى" حمالة رفيعة. كان التعب قد جعله يتجاوز كل قيود المظهر، وسقط مغشياً عليه بعد ساعات من تنظيف البيت.
2. الموقف الحاسم.. الرجولة فعل وليست قماشاً
استيقظ على صوتها الغاضب:
"إيه اللي لابسه ده؟! أنت بتعمللي إغراء؟!" أشارت إلى ملابسه:
"إغراء؟! بصّي حواليكي! أنا لبست كده عشان ما أصحيكى من صوت الماء في الحمام. الرجولة إنك تقدر، بس تختار ترحم." هي نظرت إلى عينيه المتعبتين، ثم همست:
"يعني دي الرجولة عندك؟ بعد كل السنين دي؟" أجاب بثبات:
"الرجولة إني قدرت أرجع البيت وأواجه فوضى،. ارتديت ملابسك لأن مفيش غيرها ، ولم تعد الرجولة تُقاس بالقماش." ابتسمت بخفة وقالت:
"طب نعمل مسابقة؟ نلبس نفس اللبس ونشوف مين أحلى!"
3. لحظة الانكشاف.. الأمان قبل الرغبة
أخذ حمامًا سريعًا، وخرج مرتديًا ملابسها الخاصة بالكامل: أندر وسنتيان أسود. كانت هي قد ارتدت قميصًا أبيض شفاف يظهر كل ما تحته. وقفت أمامه صريحة، عيونها تلتقي بعينيه.
توقفت للحظة، ثم ابتسمت ابتسامة واسعة، وعلّقت بفكاهة تخفي الكثير من المشاعر: "حلوين عليك أوى!"
رد عليها بابتسامة دافئة، وهو يرى جمالها العاري من الحواجز: "أنتِ مش محتاجة حاجات زي دي أصلاً، جمالك واضح في كل حالاتك. لكن الرجولة ليست في القماش، بل في العطاء والقدرة على إزالة الخوف من قلب امرأة. اللي عليّ مجرد ملابس، إنما أنتِ زينة القماش كله." كانت كلماته هي الأمان الذي تحول إلى تحرر عارم من الكبت. فجأة، انقضت عليه في قُبلة ساخنة ومطوّلة. كانت القُبلة تفجيرًا للأنوثة المكبوتة، بينما ظل هو ثابتاً، لم يتحرك ساكناً. يده لم ترتفع للرد، بل بقيت معلقة بجانبيه، إثباتاً على أن هدفه الآن هو الإخلاص، لا الرغبة. ابتعدت عنه ببطء، وعيناها تلمعان بالفهم العميق. لقد اجتاز الاختبار الأصعب.
4. الاعتراف وبداية لقاء الإخلاص
جلست بجانبه. قالت وهي تضع يدها على يده:
"أردت أن أريك أن أنوثتي لم تمت بالغياب... لكنك أريتني أن رجولتك لا يمكن أن يشتريها أي شيء." قال بهدوء:
"أنا رجعت عشان أثبتلك إن الرجولة مش بس في اللبس، لكن في القدرة على إزالة الخوف من قلب امرأة. لا شيء يشتتني عن هذا الواجب." اتصل بالدكتور، وشرح له حالة الحقنة بثقة:
"كنت طالب طب سنتين... أقدر أتعلمها تحت إشرافك." في الحادية عشرة مساءً، نجحت الحقنة. كانت يده ترتجف قليلاً، لكن يدها استقرت عليها بهمس:
"أنا واثقة فيك. أنتَ الأمان." جلسا معًا في صمت مطمئن قرب الأم النائمة بسلام.
قال بصوت منخفض:
"الأهم إني مقدّرتش أسيبك لوحدك... الغياب انتهى خلاص." كان في صمتهما يقين جديد:
الحب لا يُولد من الرغبة، بل من الإخلاص حين يصبح العطاء اللغة الوحيدة.


0 التعليقات