صناعة البهجة

صناعة البهجة
==========


صناعة البهجة: كيف نصنع السعادة من الداخل؟

نحن لا نعرف عن البهجة إلا ما هو مادي وملموس.
نظنها في الطعام، في المال، في الجسد، في المتعة العابرة.
لكن المفارقة المؤلمة أننا لا نحسن حتى هذه الأشكال البسيطة من الفرح.
لا نعرف كيف نأكل لنستمتع، ولا كيف نحب لنسعد، ولا كيف نعيش لنشعر بالحياة.
لقد أفسدنا مفهوم البهجة حين جعلناها مرهونة بالامتلاك لا بالإحساس، وباللحظة لا بالمعنى.

صناعة البهجة شيء آخر تمامًا.
إنها وعيٌ بالذات أولًا، وفنٌّ للحضور ثانيًا، ومشاركةٌ للروح ثالثًا.
أن تصنع البهجة لا يعني أن تضحك طوال الوقت، بل أن تفهم من أين يأتي هذا الضوء الداخلي حين يبتسم قلبك قبل وجهك.

البهجة أن تبتسم لأنك راضٍ عن فعل قمت به، عن كلمة قلتها بصدق، عن لحظة أنصتَّ فيها لإنسانٍ يحتاج إلى أذنٍ تسمعه أكثر من فمٍ يرد عليه.
البهجة أن تشعر أن وجودك أضاف شيئًا صغيرًا في حياة غيرك — دفء، أو طمأنينة، أو ضوءًا بسيطًا في عتمةٍ لا يراها سواك.
هي فنّ صناعة الرضا المعنوي، الرضا الذي لا يُشترى ولا يُمنح، بل يُزرع في القلب عندما يتصالح الإنسان مع ذاته.

البهجة أن تلعب مع ابنك، أن تضحك مع ابنتك، أن تمازح زوجتك، أن تهتم بمن حولك دون انتظار مقابل.
أن تكون في حضورٍ حقيقي مع الآخرين، لا مجرد ظلٍّ بينهم.
أن ترى نفسك في عيونهم، لا في مراياك الخاصة.
البهجة أن تكون إنسانًا للغير، ولن تكون كذلك حتى تكون أولًا إنسانًا لنفسك.

ولكي تكون إنسانًا لنفسك، عليك أن تعرف ماهية الإنسان.
أن تدرك أن الإنسان الحقيقي ليس مَن يُتقن الأدوار الاجتماعية، بل من يعيش صادقًا مع ذاته.
أن تكون كما أنت، بسماتك وصفاتك، بخيرك وضعفك، دون تزويقٍ أو تمثيلٍ أو محاولة لإرضاء أحد.

تعلموا صناعة البهجة،
فهي ليست ترفًا ولا خيالًا شاعريًا.
إنها فعل مقاومة في وجه القبح، وموقفٌ فلسفي ضد البلادة والاعتياد.
إنها القدرة على أن تبتسم رغم الزحام، أن تمنح رغم الخسارة، وأن ترى في الوجع ملامح جمالٍ خفيٍّ لا يدركه إلا قلبٌ حي.

صناعة البهجة هي أعمق أشكال الوعي،
وأصفى حالات الإنسانية. 🌿

فهل جربت يومًا أن تصنع بهجتك بيديك؟
أن تخلق لحظتك الجميلة من لا شيء، فقط لأنك قررت أن تكون حيًّا بحق؟


التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

مولانا تصميم ahmad fathi © 2014

يتم التشغيل بواسطة Blogger.