الطموح للهاوية
مريم امرأة ناجحة، صارمة، تعمل في جهة رسمية وتكسب كثيرًا، لكنها نسيت أن في البيت قلبًا ينتظرها. زوجها عمرو، مهندس استشاري ناجح هو الآخر، لكنه يعيش في ظل غيابها العاطفي. يحاول الاقتراب، فترده دائمًا بحجة التعب أو الانشغال. صار الحب بينهما عادةً مؤجلة إلى يوم الخميس.
وفي أحد خميسات الخيبة، عاد عمرو يحمل كيس السمك والجمبري. لكنها قالت له ببرود: "مش هينفع… عندي الدورة." انكسر داخله شيءٌ لا يُرى.
خرج عمرو إلى الصالة، أحمر الوجه، منتفخاً من الغضب والذكورية الرهيبة التي جُرحت بسبب الجمبري والحبة الزرقاء التي تناولها استعدادًا، والتي صارت بلا قيمة بعد الرفض. جلس في صمتٍ، يحاول مداراة ذكوريته حتى لا تراها ابنته، ولكن سارة شاهدت كل شيء. فوجد ابنتهما سارة، ذات الخمسة عشر عامًا، تذاكر. نظرت إليه وقالت: "مالك يا بابا؟" ابتسم بصدق هذه المرة.
في تلك اللحظة، تحركت داخلها الأنثى وبدأت خطة الانتقام غير المعلنة. اقترحت أن يلعبا «بلاي ستيشن»، فضحك، وفاز، فاقترحت أن يخرجا للعشاء كرهانٍ طريف. خرج معها، ضحكا، تناولا السمك الذي اشتراه لأمها، وقامت سارة بحضنه بالتصاق واضح وهو جالس، كأنها تثبت ملكيتها العلنية له.
منذ تلك الليلة، صارت سارة تملأ يومها بأبيها. تحضر له قهوته، تضحكه، تغيب عنه أمها في العمل، فتحضر هي بدلها. بالنسبة لعمرو، انتهت مرحلة المعاناة، وبدأت مرحلة الاكتفاء.
الانتقام بالأنوثة الطاغية
لم تعد سارة مجرد طفلة تبحث عن اهتمام. ملابسها صارت هي الرسالة. بدأت تشتري فساتين وقطع منزلية قصيرة وضيقة، تُبرز أنوثتها الطاغية وتستعرض نضج جسدها المبكر بوقاحة هادئة. حتى وهي تذاكر، صارت ترتدي ملابس داخلية منزلية ناعمة من الحرير والساتان، تُلامس الجلد وتكشف الكثير، مُتعمّدة ترك غرفتها مفتوحة ليرى والدها هذا الاستعراض الجسدي لجاذبيتها الناشئة.
وفي الأيام العادية، كانت سارة تتعمد ارتداء ملابس ذات أقمشة شفافة خفيفة وقصات عميقة. والأهم: عطر فرنسي فواح ومُغْرٍ، اختارته بعناية فائقة، صار يسبق دخولها، وكأنه "توقيع الأنوثة المُتعمّد" في وجه غياب أمها.
في أحد أيام الغنج الصامت، جلست سارة بجوار أبيها وهو يشاهد التلفزيون. كانت ترتدي ثوباً منزلياً خفيفاً يكشف جزءاً كبيراً من ساقيها، ولمست كتفه برقة غير معهودة وهي تضحك، ثم مالت قليلاً لتقول شيئاً في أذنه. تعمّدت أن يُلامس شعرها عنقه. أغمض عمرو عينيه طويلاً وسرح، لم تكن رائحة شعر ابنته، بل رائثة أنوثة كاملة، بعطر مُبْتَكر، أثار فيه حنيناً وشيئاً آخراً أغواه بصدق، أغواه بالاكتفاء. شعر بيقظة عاطفية غريبة، لم يشعر بها منذ سنوات، وتملّكته سعادة الاهتمام المفرط.
ولرحلة البحر، اختارت سارة فستاناً صيفياً قصيراً جداً، بفتحات جانبية عند الخصر، وكأنها ترتدي قميص بحر يبرز جسدها.
إعلان الاستغناء والنهاية الدرامية
صارت ليالي الخميس مختلفة. لم يعد عمرو ينتظر عودة مريم. كان ينتظر عودة سارة. دخلت مريم ورأت الأب والابنة يضحكان. سارة كانت ترتدي ثوب نوم ساتان قصير ومُهيّج، وحركة يدها وهي تداعب شعرها كانت تُذكّر مريم بحركات أنثوية مُتعمّدة للإغراء. نظر عمرو إلى مريم نظرة سارة فهمتها فورًا: "لقد وجدت طريقي للحياة."
حاولت مريم الاقتراب منه في الفراش، تلمست ذراعه. سحب عمرو ذراعه ببطء وقال بهدوء: "أنا متعب جسديًا، مريم. لكنني لست متعبًا عاطفياً بعد اليوم. سارة تملأ كل شيء. أنا لم أعد أحتاج شيء منكِ." لم تكن حجة هروب، بل إعلان استغناء كامل واستبدال صريح.
وقفت مريم على الباب، وقالت بصوت مهزوز: "عمرو... سارة... إيه رأيكم نخرج كلنا بكرة؟"
تدخلت سارة بحسم، وهي تعدّل الثوب على كتفها بنوع من الغنج المدروس: "مش هينفع يا ماما. بابا وعدني نروح نشوف معرض الفنون. ده وقتنا إحنا... بس."
أدركت مريم أنها أصبحت شخصًا ثالثًا.
ضحكات الفراش المحرَّم
وبعد أن تمنى لها عمرو ليلة سعيدة، دخل غرفتها. سألته سارة: "هتنام فين؟" ابتسم وقال: "هنا، معاكِ." استلقى عمرو في سرير سارة بجوارها. لم يناما على الفور، بل بدأت سارة تروي له حكاياتها بـضحكات هستيرية متعمدة** وصلت إلى الغرفة المجاورة بوضوح. وفي كل مرة يضحك فيها عمرو، كانت سارة تصدر أنيناً مُدغْدِغاً كأنه نتيجة مداعبة حميمة ومفاجئة، ثم تتبعها بضحكة أعلى، وهي تقول له بصوت مسموع: "يا بابا بس خلاص!" ثم التفتت فوراً لتضمه بقوة، وتهمس بشيء في أذنه لم تسمعه مريم، لكن الحركة كانت كافية لوضوح المشهد. أرسل لها رسالة قبل أن يغمض عينيه، وهي بجواره: "يا رب ما تبعديش عني أبدًا. أنتِ اللي لسه فيا روح."
مريم، التي كانت مستيقظة في غرفتها تستمع للضوضاء المتعمدة، نهضت. جلست على مكتبها في غرفة النوم، وكتبت رسالة وداع قصيرة ومميتة.
الرسالة المدمرة
في الصباح، استيقظ عمرو على الشمس. رأى سارة بجواره فابتسم. نهض من السرير وخرج من الغرفة، فوجد زوجته مريم غادرت، لكنها تركت ظرفاً رسمياً على طاولة المطبخ.
فتح عمرو الظرف، ووجد فيه طلب طلاق قانوني جاهز للتوقيع، ومعه رسالة بخط يد مريم:
"لقد اخترت طفلة لتكون امرأتك الجديدة. هذا اختيارك. الآن سأستخدم كل ما بنيته بعقلي، لتدمير كل ما بنيته بقلبك. لا تنتظر مني نفقة، ولا دعماً لشركتك الهزيلة التي تعتمد على أموالنا. أنت الآن مع 'حياتك الجديدة'. تمنياتي لكما بالبقاء سعداء عندما تصبح حساباتنا البنكية صفراً. مريم."
شحب وجه عمرو. كانت السعادة العاطفية التي شعر بها الليلة الماضية مكلفة جداً. نظر نحو باب غرفة ابنته.
جلست سارة تكتب في دفترها الصغير، وهي تسمع أنفاس والدها المذعورة في الصالة: "انتقمت منها... أنا قادرة أدي له كل اللي محتاجه. الأهم إن بابا بقى سعيد جدًا. وقدامي أنا وبس."