🎬 تحليل فيلم "الممر": أربع لقطات في فلسفة الهزيمة والانتصار
بقلم: محسن عباس
اللقطة الأولى: تصحيح المصطلح وصناعة النصر
فيلم الممر ليس مجرد عمل حربي، بل هو بيان تصحيحي في الذاكرة الوطنية المصرية.
فهو يرفض التجميل اللفظي الذي أطلق عليه البعض "نكسة"، مؤكدًا أنها هزيمة يجب الاعتراف بها كي تبدأ المساءلة والنهضة.
ويعيد الفيلم الاعتبار للشعب المصري بوصفه صانع النصر الحقيقي، لا السلطة ولا النخب.
فالكرامة عند المصري ليست ترفًا بل مبدأ وجود، لأن الأرض هي العرض، وما دونها قابل للزوال.
اللقطة الثانية: الهزيمة الاجتماعية – ساحة القتال الحقيقية
يمسك الفيلم بجذر الداء، ويعلن أن الهزيمة لم تكن عسكرية بقدر ما كانت اجتماعية وثقافية.
فانفصال القيادة عن الشعب كان الثغرة التي نفذ منها العدو، لحظة توهّم فيها البعض أن مصر هي القاهرة فقط.
البدو، الصعايدة، النوبيون — كلهم مصر الحقيقية التي غابت عن عين السلطة.
ومن هنا يبدأ الفيلم في ترميم المعنى الوطني: أن الانتماء ليس شعارًا بل مشاركة ووعي.
اللقطة الثالثة: عبقرية الإنسان المصري وشرطها الاحترام
يكشف الممر عن جوهر العبقرية المصرية — تلك القدرة على صنع المستحيل بالقليل.
الجندي الذي يقاتل بالحد الأدنى من الإمكانات هو ذاته الفلاح الذي يزرع رغم الجفاف، والعامل الذي يصنع رغم العجز.
العبقرية المصرية ليست موهبة فطرية فقط، بل قوة أخلاقية لا تُفجَّر إلا بالاحترام.
وحين يجد المصري مَن يثق به، تراه يصنع المعجزات وكأنه يستحضر التاريخ كله في لحظة واحدة.
اللقطة الرابعة: الرمزية والقيادة المنفصلة
هنا يتجلى المعنى الرمزي الأعمق: "مولانا محسن باشا" ليس اسمًا لشخص، بل مرآة لعقلية متكلسة.
هو تجسيد للقيادة التي فقدت صلتها بالناس، وتخفت وراء الألقاب الدينية أو الطبقية الزائفة.
في المقابل، يدعو الفيلم إلى قيادة جديدة تحترم وعي الإنسان قبل طاعته، وتستمد شرعيتها من صدقها لا من سلطتها.
إنها صرخة في وجه كل من يحاول إعادة إنتاج الهزيمة عبر الكبر أو الزيف أو الوهم.
ولأن النصر ليس سيفًا يُشهر، بل وعيٌ يُستعاد — فسلامٌ على كل من قاوم الهزيمة بالصدق والكرامة.
محسن عباس
كاتب وباحث في الفكر والثقافة
#مولانا_محسن_باشا