بيان ضد المزايدة والتدليس

 بيان ضد المزايدة والتدليس

---------------------




لن أكون إلا أنا

بيان شخصي فلسفي للعبد لله

في زمنٍ صارت فيه الحقيقة بضاعةً نادرة،
وتحوّل الرأي إلى سلاح، والاختلاف إلى جريمة،
أجد لزامًا عليّ أن أضع أمام الجميع المبادئ التي أقيم عليها فكري وموقفي،
حتى لا يختلط الحق بالهوى، ولا يُفسَّر الصدق على أنه عداء،
ولا يُؤخذ السكوت ضعفًا، ولا القول الصريح تجاوزًا.

إنّ الرأي عند العبد لله ليس نزوة عابرة ولا انفعالًا وقتيًا،
بل ثمرة لتأملٍ طويلٍ ومراجعةٍ صادقةٍ للنفس والعقل والضمير.
ولذلك فإنّ له أسسًا لا أتنازل عنها، ولا أسمح بتشويهها:

أولًا: الوقائع الماثلة لا التخمينات،
فأنا أحتكم إلى ما هو ثابت لا إلى ما يُروى،
وإلى ما يمكن البرهنة عليه لا إلى ما يُتداول في مجالس الانطباع والتأويل.

ثانيًا: الربط العقلي المنطقي غير المتعسّف بين الظواهر والأحداث،
لأنّ الفكر الحق لا يعيش في جزيرة معزولة،
بل يقرأ التفاصيل في سياقها، ويستنبط منها ما يقود إلى الصورة الكبرى،
صورةٍ تقترب من الحقيقة دون أن تدّعي امتلاكها.

ثالثًا: الارتكاز على معايير الإنسانية والأخلاق والمنطق،
بعيدًا عن كل انحرافٍ نحو الهوى أو العنصرية أو الفاشية الممقوتة.
فلا فكر بغير أخلاق، ولا رأي بغير ضمير،
ولا معنى للحرية إن لم تكن محكومة بالعدل والاحترام الإنساني.

إنّ تحرّي الدقّة واجبٌ لا ترفٌ فكري،
خصوصًا في زمن الالتباس حيث تختلط المعلومة بالشائعة،
ويغدو الكذب رأيًا، والتضليل وجهة نظر.
لهذا أحرص على أن يخرج الرأي متجردًا من الشخصنة،
منصفًا قدر الاستطاعة، متوازنًا بين القلب والعقل.

ولذلك، لا أقبل المزايدة على موقفي،
ولا أسمح بتحويلي إلى متهمٍ في قضايا صنعها خيال البعض.
فمن لا يفهم مقصدي فليس مجبرًا على اتباعه،
لكن لا أحد يملك حق إساءة النية أو تحريف الكلمة.
فأنا لست في موقع الدفاع عن نفسي،
إذ لم أستمد يومًا موقفي من رضا الناس أو غضبهم،
بل من إيماني العميق بأنّ الصدق أثقل من الرياء، لكنه أوضح طريقًا إلى الله.

حين أكتب، يكون التوفيق من الله، والزلل من نفسي،
ولا أبتغي من أحد تصفيقًا أو تهليلًا،
فالقلم عندي ليس وسيلة تلميع، بل شهادة في زمن الزيف،
ومحاولة متواضعة لإلقاء حجر في بحيرات الركود والادعاء
التي غمرت حياتنا الفكرية والعامة حتى كادت تطمس ملامح الوعي.

وليعلم الجميع:
أنني لا أبحث عن مكانٍ في صفوف المصفقين،
ولا أستعير مواقف الآخرين لأبدو مقبولًا،
ولا أتنكّر لما أؤمن به لأنّ الريح هبّت في الاتجاه المعاكس.
لقد اخترت طريقي منذ زمن،
أن أكون نفسي، كما أرادها الله، لا كما يريدها الناس.

فالفكر لا يُستعار،
والضمير لا يُؤجّر،
والصدق لا يُساوَم عليه.

ولهذا أقولها بوضوحٍ تامّ:
لن أكون إلا أنا.

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

مولانا تصميم ahmad fathi © 2014

يتم التشغيل بواسطة Blogger.